للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرَجوا معه وهم ثمانون ألفًا، وكان جالوتُ من أعظمِ الناسِ وأشدِّهم بأسًا، فَخَرَج يسيرُ بينَ يَدَى الجندِ، ولا تجتمِعُ إليه أصحابُه حتى يَهْزِمَ هُو مَن لَقِى، فلما خرَجوا قال لهم طالوتُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ فشَرِبوا منه هَيبةً من جالوتَ، فعَبَر منهم أربعةُ آلافٍ، ورجَع ستةٌ وسبعون ألفًا، فمَن شرِب منه عَطِش، ومَن لم يشرَبُ منه إلا غُرْفَةً رَوِى (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخْبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ: أَلقَى الله على لسانِ طالوتَ حينَ فَصَل بالجنودِ، فقال: لا يَصْحَبْنى أحدٌ إلا أحدٌ له نِيَّةٌ في الجهادِ. فلم يَتَخلَّفْ عنه مُؤْمنٌ، ولم يَتْبَعْه (٢) منافِقٌ؛ [رجَعوا كفَّارًا] (٣)، فلما رأى قِلَّتَهم قالوا: لن نَمَسَّ (٤) هذا الماءَ غُرْفةً ولا غيرَها. وذلك أنه قال لهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ الآية. فقالوا: لن نَمَسَّ (٤) هذا، لا (٥) غُرْفةً ولا غيرَ غُرْفَةٍ. قال: وأَخَذَ البَقِيةُ الغُرْفَةَ، فشَرِبوا منه (٦) حتى كَفَتْهم وفَضَل منهم. قال: والذين لم يأخُذوا الغُرْفَةَ أَقوَى من الذين أخَذوها.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجّاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، قال: قال ابن عباسٍ في قولِه: ﴿فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ


(١) تقدم تخريجه بتمامه في صفحة ٤٣٥، وأخرجه مفرقا ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٦٧، ٤٧٢، ٤٧٣، ٤٧٥، ٤٧٦، (٢٤٦٩، ٢٤٩٥، ٢٥٠٢، ٢٥١١، ٢٥١٦) من طريق عمرو بن حماد به. وينظر ما تقدم في ص ٤٨٢.
(٢) في س: "يعقبه".
(٣) سقط من: م.
(٤) بعده في م: "من".
(٥) سقط من: م، ت ٢، س.
(٦) في ص، س: "منها".