للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمِقْلاعِ والحَجَرِ كما يُؤتَى إلى الكلبِ! قال: هو ذاك. قال: لا جَرَمَ أنى سوف أُقسِّمُ لحمَك بينَ طيرِ السماءِ وسباعِ الأرضِ. قال داودُ: أو يُقَسِّمُ اللَّهُ لحمَك. فوَضَع داودُ حجرًا في مِقْلاعِه، ثم دوَّره، فأرسَله نحوَ جالوتَ، فأصابَ أنفَ البَيْضةِ التي على جالوتَ حتى خالَط دماغَه، فوقَع من فرسِه، فمضَى داودُ إليه، فقطَع رأسَه بسيفِه، فأقبَل به في مِخْلاتِه، وبسَلَبِه يجُرُّه حتى ألقاه بينَ يَدَى طالوتَ، ففَرِحوا فرحًا شديدًا، وانصرَف طالوتُ، فلما كان داخلَ المدينةِ، سمِع الناسَ يذكُرون داودَ، فوَجَد في نفسِه، فجاءه داودُ، فقال: أعطِنى امْرأتى. فقال: أتريدُ ابنةَ المَلِكِ بغيرِ صَداقٍ؟ فقال داودُ: ما اشتَرطْتَ عليَّ صَداقًا، وما لي من شيءٍ. قال: لا أكلِّفُك إلا ما تُطِيقُ، أنت رجلٌ جرئٌ، وفى جبالِنا هذه جَراجِمةٌ يَحْتَرِبون الناسَ (١) وهم غُلْفٌ، فإذا قتلتَ منهم مائتى رجلٍ، فائْتِنى بغُلَفِهم. فجعَل كلما قتَل منهم رجلًا نظَم غُلْفَتَه في خيطٍ، حتى نظَم مائتى غُلْفةٍ، فأَتَى (٢) إلى طالوتَ، فألقَى (٣) إليه، فقال: ادفَعْ إلى امرأتى، قد [جئتُ بما اشتَرطْتَ. فزوَّجه ابنتَه] (٤). وأكثَر الناسُ ذكرَ داودَ، وزادَه (٥) عندَ الناسِ عَجَبًا، فقال طالوتُ لابنِه: لَتَقْتُلَنَّ داودَ. قال: سبحانَ اللهِ، ليس بأهلٍ لذلك منك. قال: إنك غلامٌ أحمقُ، ما أُرَاه إلا سوف يُخرِجُك وأهلَ بيتِك من المُلْكِ. فلما سمِع ذلك مِن أبيه، انطَلَق إلى أختِه، فقال لها: إنى قد خِفْتُ أباك أن يقتُلَ زوجَك داودَ، فمُرِيه أن (٦) يأخُذَ حِذْرَه، ويَتغيَّبَ منه. فقالت له امرأتُه ذلك فتَغيَّبَ، فلما أصبَح أرسَل طالوتُ مَن يدعو له


(١) جراجمة يحتربون الناس: أي لصوص يستلبون الناس وينهبونهم. النهاية ١/ ٢٥٥.
(٢) بياض في ص بمقدار كلمتين، وفى م: "ثم جاء بهم".
(٣) كذا في النسخ، ولعلها: فألقى بها إليه.
(٤) مكانه بياض في النسخ، والمثبت من المطبوعة.
(٥) في س: "رواه".
(٦) زيادة من: ص، م، ويصح حذفها.