للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهِ : "إنَّ اللَّهَ لَيُصلِحُ بصَلاحِ الرجلِ المسلمِ ولدَه، وولدَ ولدِه، وأهلَ دُوَيْرَتِه، ودُوَيْراتٍ حولَه، ولا يَزالون في حِفْظِ اللهِ ما دامَ فيهم (١) ".

وقد دلَّلنا على قولِه: ﴿الْعَالَمِينَ﴾. وذكَرنا الروايةَ فيه (٢).

وأما القرأةُ فإنها اختَلَفت في قراءةِ قولِه: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾. فقرَأته جماعةٌ من القرأةِ: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ﴾. على وجهِ المصدرِ، من قولِ القائلِ: دفَع اللهُ عن خلقِه، فهو يدفَعُ دفْعًا. واحتَجَّت لاختيارِها ذلك بأن الله تعالى ذكرُه هو المُنْفَرِدُ (٣) بالدَّفْعِ عن خلقِه، ولا أحدَ يُدافِعُه فيُغالِبَه.

وقرَأت ذلك جماعةٌ أُخَرُ من القرأةِ: (ولولا دفاعُ اللهِ الناسَ) (٤) على وجهِ المصدرِ، من قولِ القائلِ: دافَع اللهُ عن خلقِه، فهو يُدافِعُ مُدافعةً ودِفاعًا. واحتَجَّت لاختيارِها ذلك بأن كثيرًا من خلْقِه يُعادُون أهلَ دينِ اللهِ وولايتِه والمؤمنين به، فهم بمُحاربتِهم إيَّاهم (٥) ومُعاداتِهم لهم، للهِ مُدافِعون بظنونِهم (٦)، ومُغالِبون (٧) بجَهْلِهم، واللَّهُ مُدافِعُهم عن أوليائِه وأهلِ طاعتِه والإيمانِ به.

والقولُ في ذلك عندى أنهما قراءتان قد قرَأَت بهما القرَأةُ، وجاءت بهما جماعةُ الأمةِ، وليس في القراءةِ بأحدِ الحرفَين إحالةُ معنَى الآخرِ؛ وذلك أن من دافَع


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٤٤٨ عن المصنف، وأخرجه ابن المبارك في الزهد ص (٣٣٠)، والحميدى (٣٧٣)، وأبو نعيم في الحلية ٣/ ١٤٨ من قول محمد بن المنكدر.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٢ - ٦٤.
(٣) في م: "المتفرد".
(٤) وهذه قراءة نافع من السبعة وأبى جعفر، وقرأ الباقون بالوجه الأول. ينظر حجة القراءات ص ١٤٠، والنشر ٢/ ٢٢٠.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إياه".
(٦) في م: "بباطلهم".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مغالبوه".