للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدِّثْت عن عمارٍ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾. يقولُ: لا يَثْقُلُ عليه حفظُهما (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾. قال: لا يَعِزُّ عليه حِفْظُهما.

قال أبو جعفرٍ: والهاءُ والميمُ والألفُ من قولِه: ﴿حِفْظُهُمَا﴾. من ذِكْرِ السماواتِ والأرضِ. فتأويلُ الكلامِ: وَسِع كُرْسِيُّه السماواتِ والأَرضَ، ولا يَثْقُلُ عليه حِفْظُ السماواتِ والأرضِ.

وأما تأويلُ قولِه: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾. فإنه يَعنِي: واللهُ العَلِيُّ.

والعليُّ: الفَعِيلُ، من قولِك: علا يعلُو عُلُوًّا، إذا ارتفَع، فهو عالٍ وعَلِيٌّ: والعَلِيُّ: ذو العُلُوِّ والارتفاعِ على خَلقِه بقُدرتِه.

وكذلك قولُه: ﴿الْعَظِيمُ﴾: ذو العَظَمةِ، الذي كلُّ شيءٍ دونَه، فلا شيءَ أعظمُ منه.

كما حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ: ﴿الْعَظِيمُ﴾: الذي قد كَمُل في عظمتِه (٢).

واختلَف أهلُ البحثِ في معنى قولِه: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: وهو العَلِيُّ عن النُّظَراءِ والأَشْباهِ. وأنكَروا أن يكونَ معنى ذلك: وهو العَلِيُّ المكانِ. وقالوا: غيرُ جائزٍ أن يخلُوَ منه مكانٌ، ولا معنى لوصفِه بعُلُوِّ المكانِ؛ لأن ذلك وصفُه بأنه في مكانٍ دونَ مكانٍ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٩٢ (٢٦٠٧) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٢٨ إلى المصنف.