للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخرُ منهما، إثباتُ الهاءِ في الوصلِ والوقفِ. ومَن قرَأه كذلك فإنه يَجْعَلُ الهاءَ في ﴿يَتَسَنَّهْ﴾ لامَ الفعلِ، ويَجْعَلُها مجزومةً بـ "لم"، ويَجْعَلُ، "فَعَّلْت" منه: تَسَنَّهْتُ. و "يُفَعِّل": أَتَسَنَّهُ تَسَنُّهًا. وقال في تصغيرِ السَّنةِ: سُنَيهةٌ [وسُنيَّةٌ: أسْنَيْتُ عندَ القومِ، وأَسْنَهْتُ] (١) عندَهم: إِذا أقَمتَ سنةً.

وهذه قراءةُ عامةِ قرأةِ أهلِ المدينةِ والحجازِ.

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندي (٢) إثباتُ الهاءِ في الوصلِ والوقفِ؛ لأنَّها مُثْبتةٌ في مصحفِ المسلمين، ولإثباتِها وجهٌ صحيحٌ في كلتا الحالتين؛ [وذلك أن يكونَ معْنى] (٣) قولِه: ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾: لم تأتِ عليه السِّنون فيَتَغَيَّرُ. على لغةِ مَن قال: أَسْنَهْتُ عندَكم أُسْنِهُ. إذا أقام سنةً، وكما قال [شاعرُ الأنصارِ] (٤):

ولَيْسَتْ بِسنَهَاءٍ (٥) ولَا رُجَّبِيَّةٍ (٦) … ولكنْ عَرَايا (٧) في السِّنِينَ الجوائحِ (٨)

فجعَل الهاءَ في السنةِ أصلًا، وهى اللغةُ الفُصحى، وغيرُ جائزٍ حذفُ حرفٍ


(١) في م: "ومنه: أسنهت عند القوم وتسنهت".
(٢) بل القراءتان صحيحتان فقد قرأ بالأولى أربعة من القراء العشرة، وقرأ بالثانية ستة منهم.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "في ذلك، ومعنى".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الشاعر".
وهو سويد بن الصامت الأنصاري، وقيل: أحيحة بن الجلاح، والبيت في معاني القرآن للفراء ١/ ١٧٣، وسمط الآلى ١/ ٣٦١، واللسان (ر ج ب، ج و ح، س ن هـ، ع ر ى).
(٥) السنهاء: التي حملت عاما ولم تحمل آخر. اللسان (س ن هـ).
(٦) رجَّبَ النخلةَ، إذا كانت كريمة عليه وكانت كثيرة الحمل، طويلة، وخيف عليها أن تقع: بنى تحتها رجبة؛ دكانا أو بناء من حجارة أو نحوها. اللسان (ر ج ب).
(٧) العرايا: جمع عَرِيَّة، وأعراه النخلة: وهب له ثمرة عامها. والعرية: النخلة المُعْراة. اللسان (ع ر ى).
(٨) الجوائح: جمع جائحة، وهي الشدة والنازلة العظيمة التي تجتاح المال. اللسان (ج و ح).