للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكِسْرَةَ (١) مِن العظمِ لتَأْتِى إلى المَوْضعِ الذي انْكَسَرت منه، فتَلْصَقُ به، حتى وصَل إلى جُمْجُمَتِه وهو يرَى ذلك، فلما اتَّصَلت شدَّها بالعَصَبِ والعرُوقِ، وأجْرَى عليها اللحْمَ والجِلْدَ، ثم نفَخ فيها الروحَ، ثم قال: ﴿وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. قال: ثم أُمِر فنادَى تلك العِظامَ التي قال: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾. كما نادَى عِظامَ نفسِه، ثم أحياها اللَّهُ كما أحياه (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: أخبَرني بكرُ بنُ مُضَرَ، قال: يَزْعُمون في بعضِ الكتبِ أنّ اللَّهَ أمات إرميا (٣) مائةَ عامٍ، ثم بعثَه فإذا حمارُه حيٌّ قائمٌ على رِباطِه. قال: وردَّ اللَّهُ إليه بصرَه، وجعَل الروحَ فيه قبلَ أن يُبْعثَ بثلاثين سنةً، ثم (٤) نظَر إلى بيتِ المقدسِ وكيفَ عُمِرَ وما حولَه. قال: فيقولون، واللَّهُ أعلمُ: إنه الذي قال اللَّهُ تعالى ذِكْرُه: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾. الآية (٥).

ومعنَى الآيةِ على تأويلِ هؤلاء: وانْظُرْ إلى حمارِك [لم يتسنَّهْ] (٦)، ولنَجعَلَك آيةً للناسِ، وانظُرْ إلى عظامِك كيف نُنْشِزُها بعدَ بِلاها، ثم نَكْسوها لحمًا، فنُحْيِيها بحياتِك، فتَعْلمَ كيف يُحْيِي اللَّهُ القُرَى وأَهْلَها بعدَ مماتِها.


(١) الكسرة: القطعة المنكسرة من الشيء. اللسان (ك س ر).
(٢) ذكره الرازي في التفسير الكبير ٧/ ٣٦.
(٣) في ص: "أورميا".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حتى".
(٥) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٢/ ٢٩٠.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.