للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن طاوسٍ، عن أبيه - قال الطبريُّ: أحسَبُه قال: - سمِعتُ ابنَ عباسٍ يقرأُ: (فلمّا تبيَّن له قال اعْلَمْ). قال: إنما قيل ذلك له (١).

حُدِّثتُ عن عمَّارٍ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ، قال: ذُكِر لنا - واللهُ أعلُم - أنه قيل له: انْظُرْ. فجعَل يَنْظُرُ إلى العظامِ كيفَ يتواصَلُ بعضُها إلى بعضٍ، وذلك بعينيه، فقيل له: (اعلمْ أن الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ).

فعلى هذا القولِ تأويلُ ذلك: فلمَّا تبيَّن له ما تبيَّن مِن أمرِ اللهِ وقدرتِه، قال اللهُ ﷿ له: اعلم الآن أن الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ. ولو صرَف مُتَأَوِّلٌ قولَه: (قال اعلم) - وقد قرَأه على وجهِ الأمرِ - إلى أنه مِن قِبَلِ المخبَرِ عنه بما اقتصَّ اللهُ في هذه الآية مِن قصَّتِه، كان وجهًا صحيحًا، وكان ذلك كما يقولُ القائلُ: اعلمْ أن كان كذا وكذا. على وجهِ الأمرِ منه لغيرِه، وهو يعنى به نفسَه.

وقرَأ ذلك آخَرون: ﴿قَالَ أَعْلَمُ﴾ (٢). على وجهِ الخبرِ عن نفسِه للمتكلِّمِ به، بهمزِ ألفِ ﴿أَعْلَمُ﴾ وقطعِها، ورفعِ الميمِ، بمعنى: فلمَّا تبيَّن له ما تبيَّن مِن قدرةِ اللَّهِ وعظيمِ سلطانِه بمعاينتِه ما عاينه، قال المتبيِّن (٣) ذلك: أعلمُ الآن أنا أن الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ.

وبذلك قرَأت عامةِ قَرأةِ أهلِ المدينةِ وبعضُ قرأةِ أهلِ العراقِ. وبذلك مِن التأويلِ تأوَّله جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٠٧، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٠٧ (٢٦٨٥)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٣٤ إلى عبد بن حميد. وينظر حجة القراءات ص ١٤٤.
(٢) قرأ بها نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وأبو عمرو، ينظر السبعة ص ١٨٩.
(٣) في م، ت ٢: "أليس".