للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهابٍ، [عن أبي سلمةَ] (١) وسعيدِ بن المسيَّبِ، عن أبي هريرةَ، أن رسولِ اللهِ قال. فذكَر نحوَه (٢).

وأَوْلَى هذه الأقوالِ بتأويلِ الآيةِ ما صحَّ به الخبرُ عن رسولِ اللهِ أنه قاله، وهو قولُه: "نحنُ أحقُّ بالشَّكِّ مِن إبراهيمَ، قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ﴾ ". وأن تكونَ مسألتُه ربَّه ما سأَله أن يُرِيَه مِن إحيائِه الموتى؛ لعارضٍ مِن الشيطانِ عرَض في قلبِه، كالذى ذكَرْنا عن ابن زيدٍ آنفًا، مِن أن إبراهيمَ لمّا رأَى الحوتَ الذي بعضُه في البرِّ وبعضُه في البحرِ، قد تَعاوَرَه دوابُّ البَرِّ ودوابُّ البحرِ وطيرُ الهواءِ، أَلْقَى الشيطانُ في نفسِه فقال: متى يَجمعُ اللَّهُ هذا مِن بطون هؤلاءِ؟ فسأل إبراهيمُ حينئذٍ ربَّه أن يُرِيَه كيف يُحْيِي الموتى؛ ليُعايِنَ ذلك عِيانًا، فلا يَقْدِر بعدَ ذلك الشيطانُ أن يُلْقِيَ في قلبِه مثلَ الذي ألْقَى فيه عندَ رؤيتِه ما رأى مِن ذلك، فقال له ربُّه: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ﴾؟ يقول: أولم تُصَدَّق يا إبراهيمُ بأنِّى على ذلك قادرٌ؟ قال: بلى يا ربِّ، ولكني سألْتُك أن تُرِيَنى ذلك ليَطْمَئِنَّ قلبي، فلا يَقْدِرَ الشيطانُ أن يُلْقِيَ في قلبي مثلَ الذي فعَل عندَ رؤيتي هذا الحوتَ.

حدَّثني بذلك يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، عن ابن زيدٍ.

ومعنى قولِه: ﴿لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾: ليَسْكُنَ ويَهْدَأَ باليقينِ الذي يَسْتَيْقِنُه.

وهذا التأويلُ الذي قلْناه في ذلك هو تأويلُ الذين وجَّهوا معنى قولِه: ﴿لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ إلى أنه: ليزدادَ إيمانًا. أو إلى أنه: لِيُوقِنَ (٣).


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤٠٢٦)، وابن عساكر في تاريخه ٦/ ٢٢٨، ٢٢٩ من طريق يونس بن عبد الأعلى وحرملة به، وأخرجه أحمد ١٤/ ٧٤ (٨٣٢٨) من طريق يونس بن يزيد الأيلى به، وأخرجه البخارى (٣٣٧٢، ٤٥٣٧)، ومسلم (١٥١) من طريق ابن وهب به.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ليوفق".