للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عطِش: عَطْشانُ. فكذلك قولُهم: رحمنُ. مِن رحِم؛ لأن "فعِل" (١) منه: رحِم يَرْحَمُ.

وقيل: رَحيمٌ. وإن كانت عينُ "فعِل" منه (٢) مكسورةً، لأنه مدحٌ، ومِن شأنِ العربِ أن يَحْمِلوا أبنيةَ الأسماءِ إذا كان فيها مدحٌ أو ذمٌّ على "فعيلٍ"، وإن كانت عينُ "فعل" منها مكسورةً أو مفتوحةً، كما قالوا مِن "علِم": عالمٌ وعليمٌ. ومِن "قدَر": قادرٌ وقديرٌ. وليس ذلك منها بناءً على أفعالِها؛ لأن البناءَ مِن "فعِل يَفْعَل" و"فعَل يَفْعِل" فاعلٌ، فلو كان الرحمنُ والرحيمُ خارجَيْن على (٣) بناءِ أفعالِهما لَكانت صورتُهما الراحمَ.

فإن قال قائلٌ: فإذ كان الرحمنُ والرحيمُ اسمَيْن مشتقَّيْن مِن الرحمةِ، فما وجهُ تَكريرِ ذلك وأحدُهما مُؤَدٍّ عن معنَى الآخَرِ؟

قيل له: ليس الأمرُ في ذلك كما (٤) ظنَنْتَ، بل لكلِّ كلمةٍ منهما معنًى لا تُؤَدِّي الأخْرى منهما عنها.

فإن قال: وما المعنى الذي انْفَرَدَت به كلُّ واحدةٍ منهما، فصارت إحداهما غيرَ مُؤَدِّيةِ المعنى عن الأخرى؟

قيل: أما مِن جهةِ العربيةِ، فلا تَمانُعَ بينَ أهلِ المعرفةِ بلغاتِ العربِ أن قولَ القائلِ: الرحمنُ. عن أبنيةِ الأسماءِ مِن "فعِل ويَفْعَل" أشدُّ عدولًا مِن قولِه: الرحيمُ. ولا خلافَ مع ذلك بينَهم أن كلَّ اسمٍ كان له أصلٌ في "فعِل


(١) في ص: "فعيل".
(٢) في م: "منها".
(٣) في م: "عن".
(٤) في م: "على ما".