للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صالحًا، فيكون مثلًا للجنةِ التي من نخيلٍ وأعنابٍ تَجْرِى من تحتِها الأنهارُ، له فيها من كلِّ الثمراتِ، ثم يُسئُ في آخرِ عمرِه، فيتمادَى في (١) الإساءةِ حتى يموتَ على ذلك، فيكونَ الإعصارُ الذي فيه نارٌ التي أَحْرَقت الجنةَ مثلًا لإساءتِه (٢) التي مات وهو عليها (٣).

قال ابن عبَّاسٍ: الجنةُ عيشُه وعيشُ ولَدِه، فاحْتَرقت فلم يستطِعْ أن يدفَعَ عن جنَّتِه من أجلِ كِبَرِه، ولم يستطِعْ ذرِّيتُه أن يدفَعوا عن جنتِهم من أجلِ صِغَرِهم، حتى احْتَرقت. يقولُ: هذا مَثَلُه، يلقاني (٤) وهو أفقرُ ما يكونُ (٥) إليَّ، فلا يَجِدُ له عندى شيئًا، ولا يستطيعُ أن يدفَعَ عن نفسِه من عذابِ اللهِ شيئًا، ولا يستطيعُ من كبرِه وصغرِ ذُرِّيتِه أن يعمَلوا جنةً، كذلك لا توبةَ إذا انْقَطَع العملُ حينَ مات.

قال ابن جُريج، عن مجاهدٍ: سمِعتُ ابنَ عباسٍ، قال: هو مثلُ المفرِّطِ في طاعة الله حتى يموت.

قال ابن جريجٍ: وقال مجاهدٌ: أيودُّ أحدكم أن تكونَ له دنيا لا يعمَلُ فيها بطاعةِ اللهِ، كمثلِ هذا الذي له جنةٌ، فمثلُه بعدَ موتِه كمثلِ هذا حينَ احترَقتْ جنتُه وهو كبيرٌ، لا يُغنى عنها شيئًا، وأولادُه صِغارٌ، لا يُغنون عنه شيئًا، وكذلك المفرِّطُ بعدَ الموتِ كلُّ شيءٍ عليه حسرةٌ.


(١) في م، ت ٢: "علي".
(٢) في الأصل: "للإساءة".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٤٠ إلى المصنف.
(٤) في م: "تلقاه"، في ت ١، ت ٢: "يلقاه".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢: "كان".