للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه [شركاءه به] (١)، من الخبيث الردئ غيره، ويمنعهم ما هو لهم من حقوقهم في الطيِّب من ماله الجيِّد، كما لو كان مال ربَّ المالِ رديئًا كلُّه غير جيِّد، فوجبت فيه الزكاةُ، وصار أهلُ سُهمانِ الصدقة شركاءه فيه، بما أَوْجَب الله لهم فيه، لم يكن عليه أن يُعطيهم الطيِّب الجيِّد من غير ماله الذي منه حقُّهم، فقال الأرباب الأموال: زكُّوا من جيِّد أموالكم الجيِّد، ولا تيمَّموا الخبيث الردئ تُعطونه أهلَ سُهْمانِ الصدقة، وتمنعونهم الواجب لهم من الجيِّد الطيِّب في أموالكم، ولستم بآخذى الردئ لأنفسكم مكانَ الجيِّدِ الواجب لكم قِبَلَ من وجَب لكم عليه (٢) ذلك، من شركائكم وغُرمائكم وغيرهم، إلَّا عن إغماض منكم، وهَضْمٍ لهم، وكراهةٍ منكم لأخذه. يقولُ: فلا تأتوا من الفعل إلى من وجب له في أموالكم حقٌّ، ما لا تَرْضَون من غيركم أن يأتيه إليكم في حقوقكم الواجبة لكم في أموالهم، فأمَّا إذا تطوع الرجلُ بصدقةٍ غير مفروضة، فإنى وإن كرهتُ له أَن يُعطى فيها إلَّا أجود ماله وأطيبَه؛ لأن الله تعالى ذكره أحقُّ من تقرِّب إليه بأكرم الأموال وأطيبها، والصدقة قُرْبانُ المؤمن إليه - فلست أُحرِّمُ عليه أن يُعطى فيها (٣) غير الجيِّد؛ لأن ما دونَ الجيِّد ربما كان أعمَّ نفعًا لكثرته، أو لعظم خَطره، وأحسن (٤) موقعًا من المسكين، وممن أُعطيه قربةً إلى الله جلّ وعزّ من الجيِّدِ، لقلته أو لصغرِ خطره، وقلة جدوى نفعه على من أُعطيَه.

وبمثل ما قلنا في ذلك قال جماعة أهل العلم.


(١) في م: "شركاء".
(٢) زيادة من: م.
(٣) في ت ١: "منها".
(٤) في ت ١: "أعظم".