للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَمْدُ للَّهِ. مُصدرَ "أشْكُرُ"؛ لأن الشكرَ لو لم يكنْ بمعنى الحمدِ، كان خطأً أن يُصدرَ مِن الحمدِ غيرُ (١) معناه وغيرُ لفظِه (٢).

فإن قال لنا قائلٌ: وما وجهُ إدخالِ الألفِ واللامِ في الحمدِ؟ وهلَّا قيل: حمدًا للَّهِ ربِّ العالمين؟

قيل: إن لدخولِ الألفِ واللامِ في الحمدِ معنًى لا يُؤَدِّيه قولُ القائلِ: حمدًا للَّهِ (٣). بإسقاطِ الألفِ واللامِ، وذلك أن دخولَهما في الحمدِ [مُنْبِئٌ عن] (٤) أن معناه: جميعُ المحامدِ والشكرُ الكاملُ للَّهِ. ولو أُسْقِطَتا منه ما دلَّ إلا على أن حَمْدَ قائلِ ذلك للَّهِ دونَ المحامدِ كلِّها، إذ كان معنى قولِ القائلِ: حمدًا للَّهِ. أو: [حمدٌ للَّهِ] (٥): أَحْمَدُ اللَّهَ حمدًا. وليس التأويلُ في قولِ القائلِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. تاليًا سورةَ أمِّ القرآنِ: أحْمَدُ اللَّهَ. بل التأويل في ذلك ما وصَفْنا قبلُ، مِن أن جميعَ المَحامدِ للَّهِ بأُلوهتِه وإنعامِه على خلقِه بما أنْعَمَ عليهم به مِن النِّعَمِ، التي لا كِفاءَ (٦) لها في الدينِ والدنيا، والعاجلِ والآجِلِ.

ولذلك مِن المعنى تَتابَعَت قراءةُ القرأةِ وعُلماءِ الأمةِ على رفعِ الحمدِ مِن: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. دونَ نصبِها الذي يُؤَدِّي إلى الدَّلالةِ على أن معنى تاليه كذلك: أَحْمَدُ اللَّهَ حمدًا. ولو قرَأ قارئٌ ذلك بالنصبِ (٧)، لكان عندي مُحِيلًا


(١) في ص: "عن".
(٢) تقدم كلام المصنف على التصدير في ص ١١٤، ١١٥.
(٣) سقط من: م.
(٤) في م: "مبنى على".
(٥) في ص: "حمدا للَّه"، وفي م: "حمد اللَّه".
(٦) في م: "كفء".
(٧) هي قراءة هارون العتكي ورؤبة وسفيان بن عيينة. ينظر البحر المحيط ١/ ١٨.