ندبٌ وإرشادٌ، فذلك فرضٌ عليهم لا يَسَعُهم تضْيِيعُه، ومَن ضيَّعه منهم كان حرِجًا بتضيِيعِه.
ولا وجهَ لاعتلالِ مَن اعتلَّ بأن الأمرَ بذلك منسوخٌ بقولِه: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾؛ لأن ذلك إنما أَذِن اللهُ تعالى ذكرُه به حيثُ لا سبيلَ إلى الكتابِ أو إلى الكاتبِ، فأمَّا والكتابُ والكاتبُ موجودان، فالفرضُ - إذا كان الدَّينُ إلى أجلٍ مُسَمًّى - ما أمرَ اللهُ تعالى ذكرُه به في قولِه: ﴿فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾ وإنما يكونُ الناسخُ ما لم يَجُزْ اجتماعُ حكمِه وحكمِ المنسوخِ في حالٍ واحدةٍ، على السبيلِ التي قد بيَّنَّاها، فأمَّا ما كان أحدُهما غيرَ نافٍ حكمَ الآخَرِ، فليس من الناسخِ والمنسوخِ في شيءٍ.