للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العراقِ: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ بفتحِ الألفِ مِن ﴿أَنْ﴾، ونصبِ ﴿تَضِلَّ﴾ و ﴿فَتُذَكِّرَ﴾ (١). بمعنى: فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان، كي تُذَكِّرَ إحداهما الأخرى إن ضلَّت. وهو عندَهم من المُقَدَّمِ الذي معناه التأخيرُ؛ لأن التذكيرَ عندَهم هو الذي يَجبُ أن يكونَ مكانَ ﴿تَضِلَّ﴾؛ لأن المعنى ما وصَفنا في قولِهم. وقالوا: إنما نصَبنا ﴿فَتُذَكِّرَ﴾؛ لأن الجزاءَ لمَّا تقدَّم اتَّصل (٢) بما قبلَه، فصار جوابُه مردودًا عليه، كما تقولُ في الكلامِ: إنه ليُعْجِبُني أن يَسألَ السائلُ فيُعْطَى. بمعنى: إنه ليُعْجِبُني أن يُعْطَى السائلُ إن سأل. أو: إذا سأل. فالذي يُعْجِبُك هو الإعطاءُ دونَ المسألةِ، ولكن قولَه: أن يَسألَ. لمَّا تقدَّم اتَّصل بما قبلَه، وهو قولُه: يُعْجِبُنى (٣). ففتَحَ "أن" (٤) ونصَب بها، ثم أتْبَع ذلك قولَه: فيُعْطَى. فنصَبه بنصبِ قولِه: ليُعجبُنى أن يسألَ. نَسْقًا عليه، وإن كان في معنى الجزاءِ.

وقرَأ ذلك آخَرون كذلك، غيرَ أنهم كانوا يقرءونه بتسكينِ الذالِ من (تُذْكِرَ) وتخفيفِ كافِها (٥).

وقارئو ذلك كذلك مختلفون فيما بينهم في تأويلِ قراءتِهم إيَّاه كذلك، وكان بعضُهم يُوَجِّهُه إلى أن معناه: فتُصَيِّرُ إحداهما الأخرى ذكرًا باجتماعِهما. بمعنى أن شهادتَها إذا اجْتَمعت وشهادةَ صاحبتِها، جازت كما تجوزُ شهادةُ الواحدِ من الذكورِ في الدَّينِ؛ لأن شهادةَ كلِّ واحدةٍ (٦) منهما منفردةً غيرُ جائزةٍ فيما جازت فيه من الدُّيونِ، إلا باجتماعِ اثنتين على شهادةِ واحدٍ، وتصيرُ شهادتُهما حينئذٍ بمنزلةِ


(١) وهى قراءة نافع وعاصم وابن عامر والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ١٩٤.
(٢) في ص، س، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أن تضل".
(٣) في م: "ليعجبني".
(٤) سقط من: الأصل: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو. المصدر السابق.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "واحد".