للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المثنى، قال: ثنا الحجَّاجُ، قال: ثنا هُشيمٌ، عن سيّارٍ (١) أبي الحكمِ، عن الشعبيِّ، عن أبي عُبَيدةَ بن (٢) عبدِ اللَّهِ بن مسعودٍ في قولِه: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾. قال: نسَخت هذه الآية التي بعدَها: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (٣).

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرقو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾. قال: يومَ نزَلت هذه الآيةُ كانوا يؤاخَذون بما وَسْوسَت به أنفسُهم وما عمِلوا، فشَكَوا ذلك إلى النبيِّ ، فقالوا: إن عمِل أحَدُنا وإن لم يعملْ أُخِذنا به! واللَّهِ ما نملِكُ الوَسْوسَةَ. فنسَخها اللَّهُ بهذه الآيةِ التي بعدَها بقولِه: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾. فكان حديثُ النفسِ مما لم يُطِيقُوا. الآية.

حدِّثت عن عمارٍ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ أَبي جعفرٍ، عن أبيه قتادةَ، أن عائشةَ أمَّ المؤمنين قالت: نسَخها قوله: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (٤).

وقال آخَرون - ممن قال: معنى ذلك الإعلامُ من اللَّهِ جَلَّ ثناؤُه عبادَه أنه مؤاخِذُهم بما كسَبته أيديهم وعمِلته جوارحُهم، وبما حدَّثَتهم به أنفسُهم مما لم يَعْمَلُوه -: هذه الآيةُ محكمةٌ غيرُ منسوخةٍ، واللَّهُ محاسبٌ خلقَه على ما عمِلوا مِن عمَلٍ وما لم يَعْمَلوه مما أضمَروه في أنفسهم ونوَوه وأَرَادُوه، فيَغْفِرُه للمؤمنين، ويُؤاخِذُ به أهلَ الكفرِ والنفاقِ.


(١) بعده في م: "عن".
(٢) في ت ١، س، ونواسخ القرآن: "عن".
(٣) أخرجه ابن الجوزي في النواسخ ص ٢٢٥، ٢٢٦ من طريق حجاج به بنحوه، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧٨ (٣٠٨٩) من طريق هشيم به.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٧٤ إلى المصنف.