للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرٍ، قال: قَدِم على رسولِ اللهِ وفدُ نَجْرانَ، ستون راكبًا، فيهم أربعةَ عشَرَ رجلًا من أشرافِهم، في الأربعةَ عشَرَ ثلاثةُ نَفَرٍ، إليهم يئولُ أمرُهم: العاقبُ؛ أميرُ القومِ وذو رأيِهم وصاحبُ مَشورتِهم، والذي لا يَصْدرُون إلا عن رأيِه، واسمُه عبدُ المسيحِ، والسيِّدُ؛ ثِمالُهم (١) وصاحبُ رحلِهم ومُجْتَمَعِهم، واسمُه الأَيْهَمُ، وأبو حارثةَ بنُ علقمةَ؛ أحدُ (٢) بكرِ بن وائلٍ، [أسْقُفُّهم وحَبْرُهم] (٣) وإمامُهم وصاحبُ مِدْراسهم (٤).

وكان أبو حارثةَ قد شَرُف فيهم، ودرَس كتبَهم، حتى حسُن علمُه في دينِهم، فكانت ملوكُ الرومِ من أهلِ النصرانيَّةِ قد شرَّفُوه وموَّلُوه وأخدَمُوه وبَنَوْا له الكنائسَ، وبسَطُوا عليه الكراماتِ؛ لما يَبْلُغُهم عنه من علمِه واجتهادِه في دينِهم (٥).

قال ابن إسحاق: قال محمدُ بنُ جعفرِ بن الزُّبيرِ: قَدِموا على رسولِ اللهِ المدينةَ، فدخَلوا عليه مسجدَه حينَ صلَّى العصرَ، عليهم ثيابُ الحِبَراتِ (٦) جُبَبٌ وأرديةٌ، في [جمال رجالِ] (٧) بَلْحارثِ بن كعبٍ. قال: يقولُ بعضُ مَن رآهم من أصحابِ رسولِ اللهِ يومئذٍ: ما رأيْنا بعدَهم وفدًا مثلَهم، وقد حانتْ صلاتُهم، فقاموا يُصَلُّون في مسجدِ رسولِ اللهِ ، فقال رسولُ اللهِ : "دَعُوهم". فَصَلُّوا إلى المَشْرِقِ.


(١) الثمال: الغياث الذي يقوم بأمر قومه. تاج العروس (ث م ل).
(٢) في م: "أخو". وينظر سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٣.
(٣) في س: "أشيبهم وخيرهم".
(٤) المدراس: الموضع الذي يدرسون فيه كتابهم.
(٥) في م: "دينه".
(٦) الحِبَرَةُ: ضرب من برود اليمن مُنَمَّرة. تُجمع على: حِبَر وحِبَرات. يقال: برد حَبير، وبرد حِبَرة.
(٧) سقط من النسخ، والمثبت من سيرة ابن هشام.