للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: عمَدوا - يَعنى الوفدَ الذين قدِموا على رسولِ اللهِ من نَصَارَى نَجْرانَ - فخاصَمُوا النبيَّ ، فقالوا: ألستَ تزعُمُ أنه كلمةُ اللهِ ورُوحٌ منه؟ قال: "بلى". قالوا: فحَسْبُنا. فأنزلَ اللهُ ﷿: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾. ثم إِنَّ الله جلَّ ثناؤُه أَنزَل: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ [آل عمران: ٥٩] الآية (١).

وقال آخرون: بل أُنزِلتُ هذه الآية في أبى ياسرِ بن أَخْطَبَ، وأخيه حُيَيِّ بن أَخْطَبَ، والنَّفَرِ الذين ناظَروا رسولَ اللهِ في قَدْرِ مدةٍ [أُكْلِه وأُكُلِ] (٢) أُمَّتِه، وأرادُوا عِلْمَ ذلك من قِبَلِ قولِه: ﴿الم﴾ و ﴿المص﴾، و ﴿المر﴾، و ﴿الر﴾، فقال اللهُ جلَّ ثناؤُه فيهم: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾: يَعنى هؤلاء اليهودَ الذين قلوبُهم مائلةٌ عن الهُدَى والحقِّ، ﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾: يعني معانيَ هذه الحروفِ المقطَّعة، المحتمِلةِ التَّصْرِيفَ في (٣) الوجوه المختلِفةِ (٤) التأويلاتِ؛ ابتغاءَ الفتنةِ.

وقد ذَكرْنا الروايةَ بذلك فيما مضَى قبلُ في أولِ السورةِ التي يُذْكَرُ فيها البَقرةُ.

وقال آخرون: بل عنَى اللهُ ﷿ بذلك كلَّ مبتدِعٍ في دينِه بدعةً مخالِفةً لما ابتُعِث به رسولُه محمدٌ ، بتأويلٍ (٥) يتأوَّلُه مِن (٦) بعضِ آيِ القرآنِ المحتملةِ التأويلاتِ، وإن كان اللهُ قد أَحْكَمَ بيانَ ذلك، إمّا في كتابِه، وإما على لسانِ رسولِه.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٩٦ (٣١٨٧) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أجله وأجل". وتقدم في ص ١٩٩.
(٣) سقط من: ت ٢.
(٤) في ت ٢: "المحتملة".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "تأويل".
(٦) في ت ٢: "في".