للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زمانٍ طويلٍ، فهل أَفْلَحُوا فيه يومًا أو أَنْجَحُوا؟ يا سبحانَ اللهِ! كيف لا يَعْتَبِرُ آخِرُ هؤلاء القومِ بأوَّلِهم! لو (١) كانوا على هُدًى قد أَظهَره اللهُ وأَفَلَجه (٢) ونَصَره، ولكنَّهم كانوا على باطلٍ أَكذبَه اللهُ وأدحضَه، فهم كما رأيتَهم، كلَّما خرج لهم قَرْنٌ أَدحضَ اللهُ حُجَّتَهم، وأَكذبَ أَحْدُوثتَهم، وأَهْراقَ دماءَهم، وإن كَتَمُوا كان قَرْحًا في قلوبِهم، وغَمًّا عليهم، وإن أَظْهَرُوه، أَهْراقَ اللهُ دماءَهم، ذاكم، واللهِ، دِينُ سوءٍ فَاجتَنِبُوه، واللهِ إن اليهوديةَ (٣) لبِدْعةٌ، وإن النصرانيةَ لبدعةٌ، وإن الحَرُوريَّة لبدعةٌ، وإن السبائيّةَ (٤) لبدعةٌ، مانزَل بهنّ كتابٌ، ولا سَنَّهنَّ نبيٌّ (٥).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ﴾: طَلَبَ القومُ التأويلَ فأَخْطَئُوا التأويلَ، وأصابُوا الفتنةَ، فاتَّبعوا ما تشابَه منه، فهلَكوا مِن ذلك، لَعَمْرِي لقد كان في أصحابِ بدرٍ والحديبيةِ الذين شهدوا بيعةَ الرِّضْوانِ. وذكَر نحوَ حديثِ عبدِ الرزاقِ، عن مَعْمَرٍ، عنه.

حدَّثني محمدُ بنُ خالدِ بن خِدَاشٍ ويعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قالا: ثنا إسماعيلُ ابن عُلَيَّةَ، عن أيوبَ، عن عبدِ اللهِ بن أبى مُلَيْكَةَ، عائشةَ قالت: قرَأ رسولُ اللهِ : ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ إلى قولِه: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. فقال: "فإذَا رأَيْتُم الذين يُجادِلون فيه، فهمُ الذين عَنَى اللهُ


(١) في ت:٢: "ولو".
(٢) في النسخ: "أفلحه". وأفلجه: أظفَره وغلَّبه وفضَّله، وأفلج الله برهانه: قوّمه وأظهره. التاج (ف ل ج).
(٣) في م: "اليهود".
(٤) في س: "الصابئة"
(٥) تفسير عبد الرزاق ١/ ١١٥، ١١٦.