للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصلُ الدَّأْبِ مِن: دأَبْتُ في الأمرِ دأْبًا، إذا أدْمَنْتَ العملَ والتعبَ فيه. ثم إن العربَ نقَلَت معناه إلى الشأنِ والأمرِ والعادةِ، كما قال امرُؤُ القيسِ بنُ حُجْرٍ (١):

وإن شِفائى عَبْرَةٌ مُهَرَاقةٌ (٢) … فهل عندَ رسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ (٣)

كدَأْبِك (٤) مِن أُمِّ الحُوَيْرِثِ قبلَها … وجارتِها أُمِّ الرَّبابِ بمَأْسَلِ

يَعْنى بقولِه: كدأْبِك. كشأنِك (٥) وأمرِك وفعلِك. يقالُ منه: هذا دأْبى ودأبُك أبدًا. يَعْنى به: فِعْلى وفِعْلُك، وأمْرِى وأمْرُك، وشأنِى وشأنُك. يقالُ منه: دأَبْتُ دُؤوبًا ودأْبًا. وحُكِى عن العربِ سَماعًا: دأَبْتُ دَأَبًا. مُثقلةً مُحرَّكةَ الهمزةِ، كما قيل: هذا شَعَرٌ ونَهَرٌ (٦). فتُحَرِّكُ ثانيَه؛ لأنه حرفٌ مِن الحروفِ الستةِ (٧)، فأُلْحق الدأَبُ إذ كان ثانِيه مِن الحروفِ الستةِ، كما قال الشاعرُ (٨):

[له نَعَلٌ لا تطَّبِى] (٩) (١٠) الكلبَ ريحُها … وإن وُضِعَت [بينَ المَجالِسِ] (١١) شُمَّتِ

وأما قولُه: ﴿وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. فإنه يعْنى به: واللهُ شديدٌ عقابُه لَمن كفَر به وكذَّب رُسلَه، بعدَ قيامِ الحُجَّةِ عليه.


(١) ديوانه ص ٩.
(٢) في الديوان: "إن سفحتها".
(٣) معول: قيل: مَبْكًى، وقيل: مستغاث، وقيل: مَحْمل ومعْتمَد. اللسان (ع و ل).
(٤) في الديوان: "كدينك".
(٥) في ص، ت ٢: "كنابك"، وفى ت ١: "كفابك".
(٦) في م: "بهر".
(٧) الحروف الستة: هي حروف الحلق.
(٨) هو كثير عزة، والبيت في ديوانه (مجموع) ص ٣٢٤.
(٩) في الديوان: "إذا طرحت لم تطب".
(١٠) طباه يطبوه ويطبيه: إذا دعاه. اللسان (ط ب ى).
(١١) في الديوان: "في مجلس القوم".