للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَسَهُل (١) عليه مخرجُ ما اسْتَصْعَب عليه وِجْهتُه مِن جرِّ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.

ومِن نظيرِ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ مجرورًا، ثم عَوْدِه إلى الخطابِ بـ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ كما (٢) ذكَرْنا قبلُ - البيتُ السائرُ مِن شعرِ أبي كبيرٍ الهُذَليِّ (٣):

يا لَهْفَ نَفْسِي كان جِدَّة (٤) خالدٍ … وبَياضُ وجهِك للترابِ (٥) الأعْفَرِ

فرجَع إلى الخطابِ بقولِه: وبياضُ وجهِك. بعدَ ما قد مضَى الخبرُ عن خالدٍ على معنى الخبرِ عن الغائبِ.

ومنه قولُ لَبيدِ بنِ ربيعةَ (٦):

باتَتْ تَشَكَّى إليَّ النفسُ (٧) مُجْهِشَةً (٨) … وقد حمَلْتُكِ سبعًا بعدَ سَبْعينَا

فرجَع إلى مخاطبةِ نفسِه، وقد تقَدَّم الخبرُ عنها على وجهِ الخبرِ عن الغائبِ.

ومنه قولُ اللَّهِ، وهو أصدقُ قيلٍ وأثْبَتُ حجةٍ: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس: ٢٢]. فخاطَب ثم رجَع إلى الخبرِ عن الغائبِ، ولم يقلْ: وجَرَيْن بكم. والشواهدُ مِن الشعرِ وكلامِ العربِ في ذلك أكثرُ مِن أن تُحْصَى، وفيما ذكَرْنا كفايةٌ لمنَ وُفِّق لفهمِه.


(١) قوله: لسهل. جواب قوله: ولو كان علم. في الصفحة الماضية.
(٢) في ص، م: "لما".
(٣) ديوان الهذليين ٢/ ١٠١.
(٤) في م: "جلدة". والجدة: نقيض البلى. اللسان (ج د د).
(٥) في ص: "للثواب"، وفي ت ٢: "التراب".
(٦) شرح ديوانه ص ٣٥٢، واللسان (ج هـ ش)، وقال ابن سلام في طبقات فحول الشعراء ١/ ٦١ وقد ذكر البيت: ولا اختلاف في أن هذا مصنوع تكثر به الأحاديث ......
(٧) في شرح الديوان: "الموت".
(٨) في ت ٢، ت ٣: "مهجته". وأجهشت النفس: همت بالبكاء. اللسان (ج هـ ش).