للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١)﴾.

يعنى بذلك: وجئتُكم بآيةٍ مِن ربِّكم تَعْلَمون بها يقينًا صدقى فيما أقولُ، فاتَّقُوا الله يا معْشرَ بني إسرائيلَ فيما أمَرَكم به ونهاكم عنه في كتابِه الذي أنْزَله على موسى، فأَوْفُوا بعهدِه الذي عاهَدْتُموه فيه، وأطيعوني فيما دعَوْتُكم إليه مِن تَصْدِيقي فيما أَرْسَلَنى به إليكم ربي وربُّكم، فاعْبُدوه، فإنه بذلك أَرْسَلَني إليكم، وبإحْلالِ بعضِ ما كان مُحَرَّمًا عليكم في كتابِكم، وذلك هو الطريقُ القَويمُ، والهَدْىُ المتينُ الذي لا اعْوِجاجَ فيه.

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سَلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزبيرِ: ﴿مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾: تَبَرِّيًا مِن الذي يَقولون فيه - يعنى: ما يَقولُ فيه النصارى - واحْتِجاجًا لربِّه عليهم. ﴿فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ أي: هذا الذي قد حمَلْتكم عليه وجئْتُكم به (١).

واخْتَلَفَ القَرَأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ﴾؛ فقرأَتْه عامةُ قرَأَةِ الأمصارِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ﴾ بكسرِ ألفِ ﴿إِنَّ﴾. على ابتداءِ الخبرِ.

وقرَأَه بعضُهم: (أَنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُم). بفتحِ ألفِ (أنَّ) (٢)، بتأويلِ: وجئتكم بآيةٍ مِن ربِّكم أن الله ربي وربُّكم. على ردّ "أن" على "الآيةِ"، والإبدالِ منها.


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٥٨١، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٥٨ (٣٥٦٠، ٣٥٦٢)، من طريق سلمة، عن ابن إسحاق قوله.
(٢) قال ابن خالويه في مختصر الشواذ ص ٢٧: بالفتح، الأخفش عن بعض القراء. وينظر المحرر الوجيز لابن عطية ٢/ ٤٣٦، والبحر المحيط ٢/ ٤٦٩.