للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فامْلأْ قُدورَك وخَوابيَك (١) ماءً، ثم أَعْلِمْنى (٢). فلمَّا مَلأهن أَعْلَمه، فدعا الله، فتحوَّل ما في القدورِ لحمًا ومَرَقًا وخبزًا، وما في الخَوابي [خمرًا، لم يَرَ الناسُ مثلَه قطُّ، وآتاه طعامًا] (٣)، فلمَّا جاء المَلِكُ أكَل، فلما شرِب الخمرَ سأل: مِن أين هذا الخمرُ؟ قال له: هي مِن أرض كذا وكذا. قال المَلِكُ: فإن خمرى أُوتَى بها مِن تلك الأرضِ، فليس هي مثلَ هذه. قال: مثل هذه. قال: هي مِن أرضِ أُخرى. فلما خلَّط على المَلكِ، اشْتَدَّ عليه، قال: فأنا أُخْبِرُك، عندى غلامٌ لا يَسْأَلُ الله شيئًا إلا أعطاه إياه، وإنه دعا الله، فجعَل الماءَ خمرًا. قال الملكُ، وكان له ابنٌ يريدُ أن يَسْتَخْلِفَه، فمات قبلَ ذلك بأيامٍ، وكان أحبَّ الخلقِ إليه، فقال: إن رجلًا دعا الله حتى جعَل الماءَ خمرًا، لَيُسْتَجابَنَّ له حتى يُحْيىَ ابنى. فدعا عيسى فكلَّمه، فسأَله أن يَدْعُوَ الله فيُحْيِيَ ابنَه، فقال عيسى: لا تَفْعَلْ، فإنه إن عاش كان شرًّا. فقال الملكُ: لا أُبالى أليس أراه؟ فلا أُبالى ما كان. فقال عيسى : فإن أحْيَيْتُه تَتْرُكونى أنا وأمى نَذْهَبُ أينما شِئْنا؟ قال الملكُ: نعم. فدعا الله، فعاش الغلامُ. فلمَّا رآه أهلُ مَمْلكتِه قد عاش، تَنادَوْا بِالسِّلاحِ. وقالوا: أَكَلَنا هذا، حتى إذا دنا موتُه يريدُ أن يَسْتَخْلِفَ ابنَه، فيَأْكُلَنا كما أَكَلَنا أبوه! فاقْتَتَلُوا. وذهَب عيسى وأمُّه، وصحِبهما يَهوديٌّ، وكان مع اليهوديِّ رَغيفان، ومع عيسى رغيفٌ، فقال له عيسى: شارِكْني. فقال اليهوديُّ: نعم. فلما رأَى أنه


(١) الخَوَابي، جمع خابية، وهي الجَرَّة الكبيرة، تركوا همزتها كما تركوا همزة البَريَّة، والذُّرية تخفيفا لكثرة الاستعمال. تاج العروس (خ ب أ).
(٢) بعده في ص، م، ت ١، س: "قال".
(٣) سقط من: ت ١، س.