للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن الطِّينِ كهيئةِ الطيرِ، فيَنْفُخُ فيه - الآيةَ - لكنه اللهُ. فسكَت حتى أتاه جبريلُ، فقال: يا محمدُ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧، ٧٢] الآية. فقال رسولُ اللهِ : "يا جبريلُ، إنهم سألونى أن أُخْبِرَهم بمَثَلِ عيسى". قال جبريلُ: مَثَلُ عيسى كمثلِ آدمَ خلَقه مِن ترابٍ، ثم قال له: كُنْ. فيكونُ. فلمَّا أَصْبَحوا عادوا، فقرَأ عليهم الآياتِ (١).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزبيرِ: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ فاسمَعْ ﴿كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾. فإن قالوا: خُلِق عيسى مِن غيرِ ذكَرٍ. فقد خلَقْتُ آدمَ مِن ترابٍ بتلك القُدْرةِ، مِن غيرِ أنثى ولا ذكَرٍ، فكان كما كان عيسى لحمًا ودمًا وشعَرًا وبَشَرًا، فليس خَلْقُ عيسى مِن غيرِ ذَكَرٍ بأعجَبَ مِن هذا (٢).

حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِ اللهِ ﷿: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾. قال: أَتَى نَجْرانيَّان إلى رسولِ اللهِ فقالا له: هل علِمْت أن أحدًا وُلِد مِن غيرِ ذكرٍ فيكونَ عيسى كذلك؟ قال: فأَنْزَلَ اللهُ ﷿: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، أكان لآدمَ أبٌ أو أمٌ! كما خلَقْتُ هذا في


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٧، ٣٨ إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٨٢ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٦٥ (٣٦٠٧) من طريق سلمة، عن ابن إسحاق قوله.