للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [السجدة: ١٠]. يعنى: إذا هلَكْنا. ومنه قولُ الأخْطَلِ في هجاءِ جَريرٍ (١):

كنتَ القَذَى في موجِ أَكْدَرَ مُزْيدٍ … قذَف الأَتِيُّ به فضَلَّ ضَلَالًا

يعني: هلَك هَلاكًا. وقولُ نابغةِ بنى ذُبْيانَ (٢):

فآبَ مُضِلُّوه بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ (٣) … وغُودِر بالجَوْلانِ (٤) حَزْمٌ ونائلُ

يعني: مُهْلِكوه.

﴿وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾: وما يُهْلِكون - بما يَفْعَلُون من محاولتِهم صدَّكم عن دينِكم - أحدًا غير أنفسِهم. يعنى بـ ﴿أَنْفُسَهُمْ﴾ تُبَّاعَهم (٥) وأشياعَهم على ملتِهم وأديانِهم. وإنما أهْلَكوا أنفسَهم وتُبَّاعَهم (٥) بما حاوَلوا مِن ذلك؛ لاسْتِيجابِهم مِن اللهِ بفعلِهم ذلك سخَطَه، واسْتحقاقِهم به غضبَه ولعنتَه؛ لكفرِهم باللهِ، ونقضِهم الميثاقَ الذي أخَذ اللهُ (٦) عليهم في كتابِهم، في اتِّباعِ محمدٍ وتصديقِه، والإقرارِ بنبوَّتِه. ثم أخْبَر جلَّ ثناؤُه عنهم أنهم يفعَلون ما يفعَلون، مِن مُحاولةِ صدِّ المؤمنين عن الهدى إلى الضلالةِ والرَّدَى، على جهلٍ منهم بما اللهُ بهم مُحِلٌّ مِن عقوبتِه، ومُدَّخِرٌ لهم مِن أليمِ عذابِه، فقال تعالى ذكرُه: ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أنهم لا يُضِلُّون إلا أنفسَهم، [في محاولتِهم] (٧) إضْلالَكم أيُّها المؤمنون.


(١) تقدم تخريجه في ٢/ ٤١٦.
(٢) ديوانه ص ١١٩.
(٣) جلية الأمر: حقيقته. اللسان (ج ل ى) والبيت فيه.
(٤) الجولان: جبل من نواحى دمشق، من عمل حوران. معجم البلدان ٢/ ١٥٩.
(٥) في م: "أتباعهم".
(٦) سقط من: ص، ت ٢، ت ٣.
(٧) في م: "بمحاولتهم".