للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدَ له مِن لفظِه، مثلَ القومِ والخلقِ، وقد يكون اسمًا لواحدٍ. ﴿أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ﴾. يقولُ: أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ عليه كتابَه، ﴿وَالْحُكْمَ﴾. يعنى: ويُعَلِّمَه فصْلَ الحكمةِ، ﴿وَالنُّبُوَّةَ﴾. يقولُ: ويُعْطِيَه النبوَّةَ، ﴿ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. يعنى: ثم يدعوَ الناسَ إلى عبادِة نفْسِه دونَ اللَّهِ، وقد آتاه اللهُ ما آتاه مِن الكتابِ والحكْمِ والنبوَّةِ، ولكنه إذا آتاه اللهُ ذلك، فإنما يدْعُوهم إلى العلمِ باللهِ، ويَحدُوهم على معرفةِ شرائعِ دينِه، وأن يكونوا رؤساءَ في المعرفةِ بأمرِ اللَّهِ ونَهيه، وأَئِمةً في طاعتِه وعبادَتِه، بكونِهم مُعلِّمى الناسِ الكتابَ، وبكونِهم دارسيه.

وقيلَ: إنّ هذه الآية نزلتْ في قومٍ مِن أهلِ الكتابِ قالوا للنبيِّ : أتدْعونَا إلى عبادَتِك؟

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، قال: ثنا ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن أبي محمدٍ، عن عِكرمةَ، أو سعيدِ بن جُبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال أبو رافعٍ القُرَظِيُّ حينَ اجتمعت الأحْبارُ من اليهودِ والنصارَى من أهلِ نَجْرانَ، عندَ رسولِ اللَّهِ ودعاهم إلى الإسلامِ: أتريدُ يا محمدُ أن نعبُدَك كما تَعْبدُ النصارى عيسى ابنَ مريمَ؟ فقال رجلٌ من أهل نجرانَ نَصرانيٌّ، يُقالُ له الرِّبِّيسُ (١): أو ذاكَ تريدُ مِنَّا يا محمدُ، وإليه تدْعونَا؟ أو كما قال، فقال رسولُ اللَّهِ : "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَعْبُدَ غيرَ اللَّهِ، أو نأمُرَ بعِبادةِ غيره، ما بذلك بعثَني، ولا بذلك أمَرنى". أو كما قال.


(١) في م، وتفسير ابن أبي حاتم: "الرئيس"، وفى س: "الريس"، وبعده في سيرة ابن هشام: "ويروى: الريس، والرئيس".
والرِّبِّيس: رِبِّيس السامرة، خذلهم الله تعالى، وهو كبيرهم، تبصير المنتبه ٢/ ٦١٧.