للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكنتَ امْرَأً أَفْضَتْ إليكَ رِبابَتِي … وَقَبْلَكَ رَبَّتْني - فَضِعْتُ - رُبُوبُ

يعنى بقوله: ربتنى: وَلىَ أمرى والقيامَ به قبلَك مَن يربُّه ويُصلحه، فلم يُصلِحوه، ولكنهم أضاعوني فَضِعتُ.

يقالُ منه: ربَّ أمرى فلانٌ، فهو يَرُبُّه رَبًّا، وهو رابُّه. فإذا أريد به المبالغةُ في مدْحِه قيل: هو رَبَّانُ. كما يقالُ: هو نَعْسانُ. من قولِهم: نعَس يَنْعُسُ. وأكثرُ ما يجيءُ من الأسماء على "فَعْلان" ما كان من الأفعالِ ماضيه على "فَعِل" مثل قولِهم: هو سكرانُ وعطشانُ وريَّانُ، من: سكِر يَسْكُرُ، وعطِش يَعْطشُ، ورَوِى يرْوَى. وقد يجيءُ مما (١) كان ماضيه على "فَعَل يَفْعُلُ"، نحوَ ما قلنا من: نعَس يَنْعُسُ، و: ربَّ يَرُبُّ.

فإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا، وكان الرَّبانُ ما ذكرنا، والرَّبانيُّ هو المنسوب إلى مَن كان بالصِّفة التي وصَفْتُ، وكان العالمُ بالفقهِ (٢) والحِكْمةِ من المصْلِحين (٣) أمورَ الناس بتعليمِه إياهم الخير، ودعائِهم إلى ما فيه مصلَحتُهم، وكان كذلك الحكيمُ التقيُّ للهِ، والوالى الذي يَلى أمورَ الناسِ، على المنْهاجِ الذي وَلِيَه المُقْسِطون من المصْلِحين أمورَ الخلق بالقيامِ فيهم، بما فيه صلاحُ عاجِلِهم وآجِلِهم، وعائدةُ النفْعِ عليهم في دينِهم ودنياهم، كانوا جميعًا [مُستحقينَ أَنَّهم] (٤) ممّن دخل في قولِه ﷿: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾.


(١) في ص، ت ١: "ما".
(٢) في ص، س: "دون الفقه".
(٣) بعده في م: "يرب".
(٤) في ص، ت ١، س: "مستحقون أن".