للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثني ابن أبي جعفَرٍ، عن أبيه، قال: قال قتادةُ: أخَذ اللهُ على النبيين ميثاقَهم أن يُصدِّقَ بعضُهم بعضًا، وأن يُبلِّغوا كتابَ اللَّهِ ورسالتَه إلى عبادِه، فبلَّغتِ الأنبياءُ كتابَ اللهِ ورسالاتِه إلى قومِهم، وأخذوا مواثيقَ أهلِ الكتابِ في كتابِهم فيما بلَّغَتْهم رسلُهم أن يؤمنوا بمحمدٍ ويُصدِّقوه ويَنصُرُوه (١).

وأوْلى الأقوالِ بالصوابِ عندَنا في تأويلِ هذه الآيةِ أنَّ جميعَ ذلك خبرٌ مِنَ اللَّهِ ﷿ عن أنبيائِه، أنه أَخَذَ مِيثَاقَهم به، وأَلْزَمَهم دعاءَ أُمَمِها إليه، والإِقرارَ به؛ لأنَّ ابتداءَ الآيةِ خبرٌ مِن اللهِ ﷿ عن أنبيائِه أنه أخَذ ميثاقهم، ثم وصَف الذي أخَذ به ميثاقَهم، فقال: هو كذا، كذا.

وإنما قلنا: إنَّ ما أخبَر الله أنه أخَذ به مواثيقَ أنبيائِه مِن ذلك، قد أخَذَت الأنبياءُ مواثيقَ أُمَمِها به؛ لأنَّها أُرْسلتْ لِتدعوَ عبادَ اللَّهِ إلى الدَّيْنُونِةِ بما أُمِرَت بالديْنُونِةِ به في أنفُسِها مِن تصديقِ رُسل اللهِ، على ما قدَّمنا البيانَ قَبْلُ.

فتأويلُ الآيةِ: واذْكروا يا معشرَ أهلِ الكتابِ إذْ أخَذ اللهُ ميثاقَ النبيينَ، لَمهْمَا آتيتُكم أيُّها النَّبيونَ من كتابٍ وحكمةٍ، ثم جاءكم رسولٌ مِن عندِى مُصدِّقٌ لما معكم، ﴿لَتُؤْمِنُنَّ﴾ به - يقولُ: لَتُصدِّقُنَّهُ - ﴿وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾.

وقد قال السُّديُّ في ذلك بما حدثنا به محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ قولَه: ﴿لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾. يقولُ لليهودِ: أخذتُ ميثاقَ النَّبييَن بمحمدٍ ، وهو الذي ذُكِرَ في الكتابِ عندَكم (٢).


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٩٣، ٦٩٤ (٣٧٥٩) من طريق أحمد بن المفضل به. وفيه: أخذت ميثاق الناس لمحمد.