للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى بذلك جلَّ ثناؤه: أفغيرَ دينِ اللهِ تَبْغُون يا معشرَ اليهودِ، وله أسلَم مَن في السماواتِ والأرضِ طَوْعًا وكَرْهًا، وإليه تُرْجَعون، فإن ابتَغَوا غيَر دينِ اللهِ يا محمدُ، فقُلْ لهم: آمنَّا باللهِ. فتَرَك ذِكْرَ قولِه: فإن قالوا: نعم. و (١) ذِكرَ قولِه: فإن ابتَغَوا غيرَ دينِ اللهِ. لدَلالةِ ما ظهرَ من الكلامِ عليه.

وقولُه: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾. يعنى به: قل لهم يا محمدُ: صَدَّقنا باللهِ أنه ربُّنا وإلُهنا، لا إلهَ غيرُه، ولا نَعبُدُ أحدًا سِواه. ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾. يقولُ: وقُلْ: وصَدَّقْنا أيضًا بما أُنزِل علينا من وَحْيهِ وتنزيلِه، فأَقرَرْنا به. ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾. يقولُ: وصَدَّقنا أيضًا بما أُنزِل على إبراهيمَ خليلِ اللَّهِ، وعلى ابْنَيْهِ إسماعيلَ وإسحاقَ، وابنِ ابنِه يعقوبَ، وبما أُنزِل على الأسباطِ، وهم ولدُ يعقوبَ الاثنا عشرَ. وقد بيَّنّا أسماءَهم بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢). ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾. يقولُ: وصَدَّقنا أيضًا مع ذلك بالذي أنزَل اللهُ على موسى وعيسى من الكُتُبِ والوَحْيِ، وبما أُنزِل على النبيِّين من عندِه.

والذي آتَى اللهُ موسى وعيسى - مما أمَر اللهُ ﷿ محمدًا بتَصْديقِهما فيه والإيمانِ به - التوراةُ (٣) التي آتاها موسى، والإنجيلُ الذي آتاه عيسى.

﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾. يقول: لا نُصَدِّقُ بعضَهم ونُكَذِّبُ بعضَهم، ولا نؤمِنُ ببعضِهم ونكفُرُ ببعضِهم، كما كفَرَت اليهودُ والنصارى ببعضِ أنبياءِ اللَّهِ،


(١) في ت ١: "أو".
(٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٩٧ - ٥٩٩.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س: "والتوراة".