أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾. قال: قدَماه في المقامِ آيةٌ بيِّنةٌ. يقولُ: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾. قال: هذا شيءٌ آخرُ (١).
حُدِّثت عن عمارٍ، قال: ثنا ابن أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: (فِيهِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ مَقامُ إِبْرَاهِيمَ) قال: أثرُ قدميْه في المقامِ آيةٌ بيِّنةٌ.
وأولى الأقوالِ في تأويلِ ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: الآياتُ البَيِّنَاتُ منهن مقامُ إبراهيمَ. وهو قولُ قتادةَ ومجاهدٍ، الذي رَواه معمرٌ عنهما، فيكونُ الكلامُ مرادًا فيه (٢) "منهن"، فترك ذِكْرَه اكتفاء بدَلالة الكلامِ عليها.
فإن قال قائلٌ: فهذا المقامُ من الآياتِ البيِّناتِ، فما سائرُ الآياتِ التي من أجلِها قيل: ﴿آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾؟
قيل: منهن المقامُ، ومنهن الحجَرُ، ومنهن الحّطِيمُ.
وأصحُّ القراءتين في ذلك قراءةُ من قرَأ: ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾. على الجِماع؛ لإجماعِ قرأَةِ أمصاِر المسلمين على أن ذلك هو القراءةُ الصحيحةُ دونَ غيرِها.
وأما اختلافُ أهلِ التأويلِ في تأويلِ: ﴿مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾. فقد ذكَرناه في سورِة "البقرةِ"، وبيَّنَّا أولى الأقوالِ بالصوابِ فيه هنالك، وأنه عندَنا المَقامُ المعروفُ به (٣).
(١) تفسير مجاهد ص ٢٥٦، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧١١ (٣٨٤٥)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٥٤ إلى عبد بن حميد والأزرقى وابن المنذر.
(٢) في م: "فيهن"
(٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٢٥ - ٥٢٩.