للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنسُ بنُ رافعٍ حَفْنةٌ مِن البطحاءِ فضرَب بها وجهَ إياسِ بن معاذٍ، وقال: دَعْنا منك، فلَعَمْرى لقد جِئْنا لغيرِ هذا، قال: فصمَت إياسُ بنُ مُعاذٍ، وقام رسولُ اللَّهِ عنهم، وانصرَفوا إلى المدينةِ، وكانت وقعةُ بُعاثٍ بينَ الأوسِ والخزرجِ. قال: ثم لم يَلْبَثْ إياسُ بنُ معاذٍ أن هلَك. قالَ: فلمَّا أراد اللَّهُ إظهارَ دينِه، وإعزازَ نبيِّه ، وإنجازَ موعدِه له، خرَج رسولُ اللَّهِ في (١) الموسمِ الذي لقِى فيه النفَرَ مِن الأنصارِ، فعرَض (٢) نفسَه على قبائلِ العربِ، كما كان يَصْنَعُ في كلِّ موسمٍ، فبينا هو عندَ العقبةِ، إذ لقِى رهطًا من الخزرجِ أراد اللَّهُ لهم (٣) خيرًا، قال ابن حميدٍ: قال سلمةُ: قال محمدُ بنُ إسحاقَ: فحدَّثنى عاصمُ بنُ عمرَ بن قتادةَ، عن أشياخٍ مِن قومِه، قالوا: لما لقِيَهم رسولُ اللَّهِ قال لهم: "مَن أنتم؟ " قالوا: نفرٌ مِن الخزرجِ. قال: "أَمِنْ مَوَالى يَهُودَ؟ " قالوا: نعم. قال: "أفلا تجلسون حتى أُكَلِّمكم؟ " قالوا: بلى. قال: فجلَسوا معه، فدعاهم إلى اللَّهِ، وعرَض عليهم الإسلامَ، وتلا عليهم القرآنَ. قال: وكان مما صنَع اللَّهُ لهم به في الإسلامِ، أن يَهُودَ كانوا معهم ببلادِهم، وكانوا أهلَ كتابٍ، وعلمٍ، وكانوا أهلَ شركٍ أصحابَ أوثانٍ، وكانوا قد عزُّوهم (٤) ببلادِهم، فكانوا إذا كان بينَهم شيءٌ قالوا لهم: إن نبيًّا الآنَ مبعوثٌ قد أظلَّ زمانُه، نَتَّبِعُه ونَقْتُلُكم معه قتلَ عادٍ وإرَمَ، فلما كلَّم رسولُ اللَّهِ أولئك النفرَ، ودعاهم إلى اللَّهِ ﷿، قال بعضُهم لبعضٍ: يا قومُ،


(١) سقط من النسخ، والمثبت من تاريخ المصنف وسيرة ابن هشام.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت: "يعرض". وهو صحيح أيضا، والمثبت موافق لما في مصدرى التخريج.
(٣) في تاريخ المصنف، وسيرة ابن هشام: "بهم".
(٤) في م، وسيرة ابن هشام: "غزوهم". وعزُّوهم: غلبوهم اللسان (ع ز ز).