للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى نفسِه، وتركِه وصفَهم بأنهم المُضَلَّلون (١)، كالذي وصَف به اليهودَ أنهم (٢) المغضوبُ عليهم - دلالةً على صحةِ ما قاله إخوانُه مِن جَهَلةِ القَدَريةِ، جهلًا منه بسَعَةِ كلامِ العربِ وتصاريفِ وجُوهِه، ولو كان الأمرُ على ما ظَنَّه الغبيُّ الذي وصَفْنا شأنَه لَوجَب أن يكونَ شأنُ (٣) كلِّ موصوفٍ بصفةٍ أو مضافٍ إليه فعلٌ، لا يجوزُ أن يكونَ فيه سببٌ لغيرِه، وأن يكونَ كلُّ ما كان [فيه مِن ذلك لغيرهِ] (٤) سببٌ، فالحقُّ فيه أن يكونَ مُضافًا إلى مُسَبِّبِه، ولو وَجَب ذلك لوجَب أن يكونَ خطأً قولُ القائلِ: تحَرَّكَتِ الشجرةُ. إذا حرَّكَتها الرياحُ. واضْطَرَبَتِ الأرضُ. إذا حرَّكَتْها الزَّلْزَلةُ، وما أشبهَ ذلك مِن الكلامِ الذي يَطولُ بإحصائِه الكتابُ.

وفي قولِ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢]. [وإضافتِه] (٥) الجَرْيَ إلى الفُلْكِ، وإن كان جَرْيُها بإجراءِ غيرِها إياها - ما يَدُلُّ على خطإِ التأويلِ الذي تأوَّله مَن وصَفْنا قولَه في قولِه: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ وادعائِه أن في نسبةِ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه الضَّلالةَ إلى مَن نسَبها إليه مِن النصارى، تَصْحيحًا لما ادَّعى المُنْكِرون أن (٦) للَّهِ في أفعالِ خلقِه سببًا مِن أجلِه (٧) وُجِدَت أفعالُهم، مع إبانةِ اللَّهِ جل ثناؤُه نصًّا في آىٍ كثيرةٍ مِن تنزيله أنه المُضِلُّ الهادي؛ فمن ذلك قولُه - جلَّ وعزَّ -: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى


(١) في ص: "الضالون"، وفي ت ١: "المضلون".
(٢) في ص، ت ١: "وأنهم".
(٣) سقط من: ر، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في ص: "منه من ذلك بغيره"، وفي ت ١: "منه من ذلك لغيره".
(٥) في م، ت ٢، ت ٣: "بإضافته".
(٦) بعده في ص، م، ت ٢، ت ٣، "يكون".
(٧) في ر، ت ١، ت ٣: "أجلها".