للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنزلت: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ (١).

وقال آخرون: بل عُنى بذلك قومٌ كانوا يُصَلُّون فيما بينَ المغربِ والعِشاءِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا الثوريُّ، عن منصورٍ، قال: بلَغنى أنها نزَلت -: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ - فيما بينَ المغربِ والعِشاءِ (٢).

وهذه الأقوالُ التي ذكَرتُها على اختلافِها متقاربةُ المعاني، وذلك أن اللهَ تعالى ذكرُه وصَف هؤلاءِ القومَ بأنهم يَتْلُون آياتِ اللَّهِ فى ساعاتِ الليلِ، وهى آناؤُه، وقد يكونُ تالِيها في صلاةِ العشاءِ تاليًا لها آناءَ الليلِ، وكذلك مَن تلاها فيما بينَ المغربِ والعِشاءِ، ومَن تلاها جوفَ الليلِ، فكلٌّ تالٍ لها (٣) ساعاتِ الليلِ. غيرَ أن أوْلى الأقوالِ بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: عُنى بذلك تلاوتُه (٤) القرآنَ في صلاةِ العشاءِ؛ لأنها صلاةٌ لا يُصَلِّيها أحدٌ مِن أهلِ الكتابِ، فوصَف اللهُ جل ثناؤه أمّةَ محمدٍ بأنهم يُصَلُّونها دونَ أهلِ الكتابِ الذين كفَروا باللهِ ورسولِه.

وأما قولُه: ﴿وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾. فإن بعضَ أهلِ العربيةِ (٥) زعَم أن معنى


(١) أخرجه أحمد ٦/ ٣٠٤ (٣٧٦٠)، والنسائى فى الكبرى (١١٠٧٣)، والبزار (٣٧٥)، وأبو يعلى (٥٣٠٦)، وابن أبي حاتم ٣/ ٧٣٨ (٤٠٠٨، ٤٠٠٩)، وابن حبان (١٥٣٠)، والواحدى في أسباب النزول ص ٨٧، ٨٨ من طريق عاصم به. وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٥ إلى ابن المنذر.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٣١، وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٣/ ٧٣٩ (٤٠١٢) من طريق الثورى به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "له".
(٤) فى م، ت ٢، ت ٣، س: "تلاوة".
(٥) هو الفراء في معانى القرآن ١/ ٢٣١.