للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: سمعتُ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ يقولُ. فذكَر نحوَه.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وَهْبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا﴾. قال: هذا يومُ أُحُدٍ (١).

وأما قولُه: ﴿أَنْ تَفْشَلَا﴾. فإنه يعنى: [هَمَّنَا أَن تَضْعُفا وتَجْبُنا] (٢) عن لقاءِ عَدُوِّهما. يقالُ منه: فَشِل فلانٌ عن لقاءِ عدوِّه، يَفْشَلُ فَشَلًا.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ، قال: قال ابنُ عباسٍ: الفَشَلُ الجُبْنُ (٣).

وكان هَمُّهما الذى هَمَّا به من الفَشَلِ، الانصرافَ عن رسولِ اللهِ والمؤمنين، حينَ انصرَف عنهم عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سلولَ بمَن معه، جُبْنًا منهم، من غيرِ شَكٍّ منهم في الإسلامِ ولا نفاقٍ، فعَصَمَهم اللهُ ﷿ مما هَمُّوا به من ذلك، ومَضَوا مع رسولِ اللهِ لوَجْهِه الذى مَضَى له، وترَكوا عبدَ اللهِ بنَ أبيٍّ ابنَ سلولَ والمنافِقين معه، فأثْنَى اللهُ ﷿ عليهما بثُبوتِهما على الحقِّ، وأخبَر أنه وَليُّهما وناصرُهما على أعدائِهما من الكفارِ.

كما حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾. أى: المُدافِعُ (٤) عنهما ما هَمَّا فَشَلِهما (٥).

وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضَعْفٍ ووَهَنٍ أصابَهما من غيرِ شَكٍّ أصابَهما في دينِهما، فتَوَلَّى دَفْعَ ذلك عنهما برَحْمتِه وعائدتِه، حتى سَلِمَتا من


(١) ينظر التبيان ٢/ ٥٧٧.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "هما أن يضعفا ويجبنا".
(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٨ إلى المصنف.
(٤) فى م: "الدافع".
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ١٠٦.