للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالا: فلايِّ شيءٍ سُمِّيت الصفراءُ (١)؟ ولأى شيءٍ سُمِّيت الحمراءُ (٢)؟ ولأيِّ شيءٍ سُمِّى رابغٌ؟ هذا ليس بشيءٍ، إنما هو اسمُ الموضعِ. قال: وذكَرْتُ ذلك ليحيى بنِ النعمانِ الغِفاريِّ. فقال: سمِعتُ شيوخَنا (٣) من بنى غِفارٍ يقولون: هو ماؤُنا ومنزلُنا، وما مَلَكه أحدٌ قَطُّ يقالُ له: بدرٌ. وما هو من بلادِ جُهَينةَ، إنما هي بلادُ غِفارٍ. قال الواقديُّ: فهذا المعروفُ عندَنا (٤).

حُدِّثت عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ، قال: أخبَرنا عُبَيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ: بدرٌ ماءٌ عن يمينِ طريقِ مكةَ، بينَ مكةَ والمدينةِ (٥).

وأما قولُه: ﴿أَذِلَّةٌ﴾. فإنه جمعُ ذليلٍ، كما الأعِزَّةُ جمعُ عزيزٍ، والأَلِيَّةُ جمعُ لَبيبٍ، وإنما سَمَّاهم اللهُ ﷿ أَذلَّةً؛ لقلةِ عددِهم، لأنهم كانوا ثلاثَمائةِ نفسٍ وبضعة عشَرَ، وعدوُّهم ما بينَ التسعِمائةِ إلى الألفِ -على ما قد بَيَّنا فيما مضَى- فجعَلهم لقلةِ عددِهم أذلةً.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ


(١) الصفراء: واد من ناحية المدينة، وقال عرام بن الأصبغ السلمى: الصفراء: قرية كثيرة النخل والمزارع وماؤها عيون كلها وهى فوق ينبع مما يلى المدينة. معجم البلدان ٣/ ٣٩٩.
(٢) الحمراء: حمراء الأسد، موضع على ثمانية أميال من المدينة إليه انتهى رسول الله يوم أحد في طلب المشركين. معجم البلدان ٢/ ٣٣٢.
(٣) في الأصل: "شيوخا".
(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/ ٢٧، وينظر: فتح البارى ٢/ ٢٧.
(٥) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٩ إلى المصنف.