للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل معنى ذلك، وما النصرُ إلا من عندِ اللَّهِ؛ ليَقطَّعَ طَرَفًا من الذين كفروا. وقال: إنما عُنِى بذلك مَن قُتِل بأُحُدٍ.

ذكرُ من قال ذل ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ، قال: ذكَر اللهُ قَتْلى المشركين -يعنى بأُحُدٍ- وكانوا ثمانيةَ عشَرَ رجلًا، فقال: ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. ثم ذكَر الشهداءَ فقال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾. الآية [آل عمران: ١٦٩] (١).

وأما قولُه: ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ﴾. فإنه يعنى بذلك: أو يُخْزِيَهم بالخيبةِ مما (٢) رَجَوا من الظَّفَرِ بكم. وقد قيل: إن معنى قولِه: ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ﴾: أَو يَصْرَعَهم لوجوهِهم. ذَكَر بعضُهم أنه سَمِع العربَ تقولُ: كَبَتَه اللهُ لوجهِه، بمعنى: صَرَعَه اللَّهُ.

فتأويلُ الكلامِ: ولقد نصَركم اللهُ ببدرٍ؛ ليُهْلِكَ فريقًا من الكفارِ بالسيفِ، أو يُخْزِيَهم، بخيبتِهم مما طَمِعوا فيه من الظَّفرِ بكم، ﴿فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ﴾. يقولُ: فيرجِعوا عنكم خائبِين، لم يُصِيبوا منكم شيئًا مما رَجَوا أن يَنالوه منكم.

كما حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ﴾: أو يَرُدَّهم خائِبين. أى (٣): يَرجِعُ مَن بَقِى منهم فَلًّا (٤) خائبين،


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٧٠ إلى المصنف.
(٢) في م: "بما".
(٣) في النسخ: "أو"، والمثبت من مصدرى التخريج.
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. وضرب عليه في ص. والفلُّ: القوم المنهزمون، من الفل: الكسر، وهو مصدر سمى به، ويقع على الواحد والاثنين والجمع. النهاية ٣/ ٤٧٣.