للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بي وعَصاني، وخالَف أمرى، أو العذابِ؛ إما في عاجلِ الدنيا بالقتلِ والنِّقَمِ المُبِيرةِ، وإما فى أجلِ الآخرةِ، بما أعددتُ لأهلِ الكفرِ بى.

كما حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: ثم قال لمحمدٍ : ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾. أى: ليس لك من الحكمِ شيءٌ في عبادي، إلا ما أمَرْتُك به فيهم، أو أتوبَ عليهم برحمتى، فإن شئتُ فعلتُ، أو أعذبَهم بذنوبِهم، ﴿فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾. أى: قد استحقوا ذلك بمعصيتِهم إياى (١).

وذُكِر أن اللهَ ﷿ إنما أنزَل هذه الآيةَ على نبيِّه محمدٍ ؛ لأنه لماَّ أصابه بأُحُدٍ ما أصابَه من المشركين، قال كالآيسِ لهم من الهدى، أو من الإنابةِ إلى الحقِّ: "كيف يُفْلِحُ (٢) قومٌ فعلوا هذا بنبيِّهم؟ ".

ذكرُ الروايةِ التي ورَدت بذلك

حدَّثنا حُمَيدُ بنُ مَسْعَدةَ، قال: ثنا بشرُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا حَمَيدٌ، قال: قال أنسٌ: قال النبُّي يومَ أُحُدٍ، وكُسِرَت رَباعِيتُه، وشُجَّ، فجعَل يَمْسَحُ عن وجهِه الدمَ، ويقولُ: "كيف يُفْلِحُ (٣) قومٌ خَضَّبوا نبيَّهم بالدمِ، وهو يَدْعوهم إلى ربِّهم؟ ". فأُنْزِلت: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ (٤).


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ١٠٨، وأخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٣/ ٧٥٧، ٧٥٨ (٤١٢٩، ٤١٣٠، ٤١٣١) من طريق سلمة به.
(٢) في ت ١، ت ٢: "يصلح".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "يصلح".
(٤) أخرجه أحمد ٢٠/ ٢١٣، ٢١٤، ٣٦٤ (١٢٨٣١، ١٣٠٨٣)، وابن ماجه (٤٠٢٧)، والترمذى (٣٠٠٣)، والنسائي (١١٠٧٧ - كبرى)، والواحدى فى أسباب النزول ص ٨٩، والبغوى (٣٧٤٨) من طريق ابن حميد به.