للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينبغى لهم أن يفعَلوا بها. والذي فعَلوا من ذلك ركوبُهم من معصيةِ اللهِ جلَّ وعز، ما أوجَبوا لها به عقوبتَه.

كما حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبى، عن سُفيانَ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾. قال: الظلمُ من الفاحشةِ، والفاحشةُ من الظلمِ (١).

وقولُه: ﴿ذَكَرُوا اللَّهَ﴾. يعنى بذلك: ذكَروا وعيدَ اللَّهِ على ما أتَوا من معصيتِهم إياه، ﴿فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ﴾. يقولُ: فسَألوا ربَّهم أن يَستُرَ عليهم ذنوبَهم، بصَفْحِه لهم عن العقوبةِ عليها. ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾. يقولُ: وهل يغفرُ الذنوبَ - أي يعفو عن راكبها فيستُرُها عليه - إلا اللَّهُ. ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا﴾. يقولُ: ولم يُقِيموا على ذنوبهم التي أتَوها، ومعصيتِهم التي ركِبوها ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: لم يُقِيموا على ذنوبهم عامِدين للمُقامِ عليها، وهم يعلَمون أن الله ﷿ قد تقدَّم بالنهى عنها، وأوعَد عليها العقوبةَ مَن ركِبها.

وذُكِر أن هذه الآيةَ أُنزِلت خُصوصًا بتَخْفيفها ويُسْرِها أُمَّتَنا (٢) مما كانت بنو إسرائيلَ مُمتحَنةً به من عظيمِ البلاءِ في ذنوبِها.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابن جرَيجٍ، عن عطاءِ بن أبي رباحٍ، أنهم قالوا: يا نبي الله، بنو إسرائيل أكرم على اللَّهِ مِنّا؟!، كانوا إذا أذْنَب أحدهم أصبَحت كفارةٌ ذنبِه مكتوبةً في عَتَبةِ بابِه: اجدَعْ أُذنَكَ، اجدَعْ أنفك، افعلْ … فسكَت رسولُ اللهِ ، فنزَلَت: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٦٤ (٤١٧٣) من طريق وكيع به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٧٧ إلى ابن المنذر.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣ س: "أمنا". وقوله: "أمتنا" منصوب على المفعولية لقوله: "خصوصا".