للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن رسولِ اللهِ إلا سألتُه أن يُقسِمَ لى باللهِ لهو سمِعه من رسولِ اللهِ ، إلا أبا بكر، فإنه كان لا يَكْذِبُ. قال عليٌّ : فحدَّثني أبو بكرٍ، أن رسولَ اللهِ قال: "ما مِن عبدٍ يُذنبُ ذنبًا، ثم يقومُ عند ذكرِه ذنبَه ذلك، فيَتوضَّأُ ثم يصلِّى ركعتَين، ويستغفرُ الله من ذنبِه ذلك، إلا غفَره اللهُ له" (١).

وأما قولُه: ﴿ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ﴾. فإنه كما بَيَّنا تأويلَه. وبنحوِ ذلك كان أهلُ التأويلِ يقولون.

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، قال: ثنا ابن إسحاقَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾. أي: إن أتَوا فاحشةً. ﴿أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾. بمعصيةٍ، ذكروا نَهْيَ اللهِ عنها، وما حرَّم اللهُ عليهم، فاستغفَروا لها، وعَرَفوا أنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا هو (٢).

وأما قولُه: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾. فإن اسمَ اللَّهِ مرفوعٌ، ولا جَحْد قبلَه، وإنما يُرْفَعُ ما بعد "إلا" بإتباعِه ما قبله، إذا كان نكرةً ومعه جَحْدٌ، كقولِ القائلِ: ما في الدارِ أحدٌ إلا أخوك. فأما إذا قيل: قام القومُ إلا أباك. فإن وَجْهَ الكلامِ في الأبِ النصبُ، و "مَن" بصلته في قوله: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ﴾ معرفةٌ. فإن ذلك إنما جاء رفعًا؛ لأن معنى الكلامِ: وهل يغفرُ الذنوبَ أحدٌ. أو: ما يغفرُ الذنوبَ أحدٌ إِلا اللَّهُ. فرُفِع ما بعدَ" إلا" من اسمِ "اللهِ" على تأويلِ الكلامِ، لا على لفظِه.


(١) أخرجه الحميدى في مسنده (٥)، والبزار في مسنده (٦)، وابن عدى في الكامل ٣/ ١١٩٠، والدارقطني في العلل ١/ ١٨٠ من طريق عن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٧٧ إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١٠٩ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٦٤ - ٧٦٦ (٤١٧٠، ٤١٧٩، ٤١٨٣) من طريق سلمة به.