للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﷿: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾، يقولُ: إن مات نبيُّكم أو قُتِل ارْتَدَدتم كفارًا بعدَ إيمانِكم (١)؟

حدَّثني المُثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ، بنحوِه، وزاد فيه: قال الربيعُ: وذُكِرَ لنا - واللهُ أعلمُ - أن رجلًا مِن المهاجرين مرَّ على رجلٍ مِن الأنصارِ، وهو يَتَشَحَّطُ (٢) في دمِه، فقال: يا فلانُ أَشَعَرت أن محمدًا قد قُتِلَ؟ فقال الأنصاريُّ (٣): إن كان محمدٌ قد قُتِلَ فقد بَلَّغَ، فقاتِلوا عن دينِكم. فأنزل الله ﷿: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾، يقولُ: ارْتَدَدتم كفارًا بعدَ إيمانِكم (٤).

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، قال: لمَّا بَرَز رسولُ اللهِ يومَ أُحُدٍ إليهم - يعنى إلى المشركين - أمر الرُّماةَ فقاموا بأَصْلِ الجبلِ في وجوهِ خيلِ المشركين، وقال: "لا تَبْرَحُوا مكانَكم إن رأيْتُمونا قد هزَمْناهم، فإنَّا لن نزالَ غالبين ما ثبَتُّم مكانَكم"، وأمَّر عليهم عبدَ اللهِ بنَ جُبيرٍ، أخا خَوَّاتِ بن جُبيرٍ، ثم شَدَّ الزُّبيرُ بنُ العَوَّامِ والمقدادُ بنُ الأسودِ على المشركين فهزَماهم، وحمَل النبيُّ وأصحابُه فهَزَموا أبا سفيانَ، فلمَّا رأَى ذلك خالدُ بنُ الوليدِ، وهو على خيلِ المشركين، حمَل (٥)، فرَمَتْه الرُّماةُ فَانْقَمَع، فلمَّا نظَر الرُّماةُ إلى


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧٨ عقب الأثر (٤٢٦٢) معلقًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٠، إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) تشحط القتيل في دمه: تخبط فيه واضطرب وتمرغ. التاج (ش ح ط).
(٣) قال الحافظ ابن كثير: لعل هذا الأنصارى هو أنس بن النضر؛ عم أنس بن مالك. البداية والنهاية ٥/ ٤٠١ بتحقيقنا.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧٨ (٤٢٦٢) من طريق عبد الله بن أبي جعفر به.
(٥) في ص: "قد"، وفى م: "قدم" والمثبت من التاريخ.