للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدرعِ، فجُرِح جُرْحًا خفيفًا، فوقعَ يَخورُ خُوارَ (١) الثُّورِ. فاحْتَمَلوه وقالوا: ليس بك جِراحةٌ [فما يُجزِعُك] (٢). قال: أليس قال: "لأقتُلنك"؟ [واللهِ] (٢) لو كانت لجميعِ ربيعةَ ومُضَرَ لقتَلَتْهم (٣). فلم يَلْبَثْ إلا يومًا أو بعضَ يومٍ حتى مات مِن ذلك الجُرْحِ.

وفشَا في الناسِ أن رسولَ اللهِ قد قُتِل، فقال بعضُ أصحابِ الصخْرةِ: ليت لنا رسولًا إلى عبدِ اللهِ بن أُبَيٍّ، فَيَأْخُذَ (٤) لنا أَمَنةً مِن أبي سفيانَ، يا قومِ إن محمدًا قد قُتِل، فارْجِعوا إلى قومِكم قبلَ أن يَأْتُوكم فيَقْتُلوكم. فقال أنسُ بنُ النَّضْرِ: يا قومِ، إن كان محمدٌ قد قُتِل فإن ربَّ محمدٍ لم يُقْتَلْ، فقاتِلوا على ما قاتَل عليه محمدٌ ، اللهم إنى أَعْتَذِرُ إليك مما يقولُ هؤلاء، وأَبْرَأُ إليك مما هؤلاء. ثم شدَّ (٥) بسيفِه فقاتَل حتى قُتِل ورضى عنه.

وانْطَلَق رسولُ اللهِ يَدْعُو الناسَ حتى انْتَهى إلى أصحابِ الصخرةِ، فلما رأَوْه وضَع رجلٌ سَهْمًا في قوسه، فأراد أن يَرْمِيَه، فقال: "أنا رسولُ اللهِ". ففرِحوا (٦) حينَ وجَدوا رسولَ اللهِ حيًّا، وفرِح رسولُ اللهِ حينَ رَأَى أن في أصحابِه مَن [يَمتَنِعُ به] (٧)، فلمَّا اجْتَمَعوا وفيهم رسولُ اللهِ ذهب عنهم الحُزْنُ، فأقْبَلوا يَذْكُرون الفتحَ وما فاتهم منه، ويَذْكُرون أصحابَهم (٨) الذين قُتِلوا.

فقال اللهُ ﷿ للذين قالوا: إن محمدًا قد قُتِل، فارْجِعوا إلى قومِكم:


(١) في النسخ: "خوران". والمثبت من تاريخ الطبرى.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "لقتلهم". وينظر تاريخ الطبرى ٢/ ٥٢٠.
(٤) في م: "فنأخذ".
(٥) في س: "سرى".
(٦) بعده في الأصل: "بذلك"، وفى ص، ت ١، ت ٢، س: "به".
(٧) في النسخ: "يمتنع"، وأثبتنا لفظة "به" من التاريخ.
(٨) في النسخ: "أصحابه" والمثبت من التاريخ.