للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١)﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤه: سيُلْقى اللهُ أيُّها المؤمنون ﴿فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بربِّهم، وجَحدوا نبوةَ محمدٍ ، ممن حارَبَكم بأُحُدٍ، ﴿الرُّعْبَ﴾، وهو الجزَعُ والهَلَعُ، ﴿بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ﴾، يعني: بشركِهم باللهِ وعبادتِهم الأصنامَ، وطاعتِهم الشيطانَ، التي لم أَجْعَلْ لهم بها حُجةٌ. وهى السلطان التي أَخْبَر الله جلَّ ثناؤه أنه لم يُنَزِّله بكفرِهم وشركِهم.

وهذا وعدٌ مِن اللهِ جل ثناؤُه أصحابَ رسولِه، بالنصرِ على أعدائِهم، والفَلْجِ (١) عليهم ما اسْتَقاموا على عهدِه، وتَمسَّكوا بطاعتِه، ثم أَخْبَرَهم تعالى ذكرُه ما هو فاعلٌ بأعدائِه بعدَ مصيرِهم إليه، فقال جل ثناؤُه: ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ يعني: ومَرْجِعُهم الذي يَرْجِعون إليه يومَ القيامةِ النارُ. ﴿وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: وبئس مُقامُ الظالمين الذين ظلَموا أنفسَهم باكتسابِهم ما أوْجَب لها عقابَ اللهِ، النارُ.

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١)﴾. فإني سألْقِي في قلوبِ الذين كفَروا الرعب الذي به كنتُ أَنْصُرُكم عليهم، بما أَشْرَكوا بي، ما لم أَجْعَلْ لهم به حجةً، أي: فلا تَظُنُّوا أن لهم عاقبةَ نصرٍ، ولا ظهورٍ عليكم، ما اعْتَصَمْتُم بى (٢). واتَّبَعْتُم أمرى، للمُصيبةِ التي أصابَتْكم منهم، بذنوبٍ قدَّمْتُموها لأنفسِكم، خالَفْتُم


(١) الفَلْج: الظفر والفوز.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.