للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن السديِّ: ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾: فالذين انْطَلَقوا يُرِيدون الغَنيمةَ هم أصحابُ الدنيا، والذين بَقُوا وقالوا: لا نُخالِفُ قولَ رسولِ اللهِ. أرادوا الآخرةَ.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ مثلَه (١).

حُدِّثْتُ عن الحسينِ بن الفرجِ، قال: سمِعْتُ أبا مُعاذٍ، قال: ثنا عبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾: فإنَّ نبيَّ اللهِ أمرَ يومَ أحدٍ طائفةً مِن المسلمين، فقال: "كُونوا مَسْلَحةً (٢) للناسِ". بمنزلةٍ أمَرهم أن يَثْبُتوا بها، وأمَرَهم ألا يَرِيمُوا (٣) مكانَهم حتى يَأْذَنَ لهم، فلما لَقِىَ نبيُّ اللهِ يومَ أحدٍ أبا سفيانَ ومَن معه مِن المشركين، هزَمَهم نبيُّ اللهِ ، فلمَّا رأَى المَسْلَحةُ أَن الله هزَم المشركين، انْطَلَق بعضُهم وهم يَتَنادَوْن: الغنيمةَ الغنيمةَ لا تَفُتْكم. وثبت بعضُهم مكانَهم، وقالوا: لا نَرِيمُ موضعَنا حتى يَأْذَنَ لنا نبيُّ اللهِ. ففي ذلك نزل: ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾. فكان ابن مسعودٍ يقولُ: ما شعرْتُ أن أحدًا مِن أصحابِ النبيِّ كان يُرِيدُ الدنيا وعَرَضَها حتى كان يومُ أحدٍ (٤).

حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابن جُريجٍ: قال


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٨٨ (٤٣٣١) عن محمد بن سعد به.
(٢) المسلحة: القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، وسموا مسلحة لأنهم يكونون ذوى سلاح. اللسان (س ل ح).
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يبرحوا". وهما بمعنى.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٦ إلى المصنف.