للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن مباركٍ، عن الحسنِ: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾. قال: قال الحسنُ - وصفَّق بيديه -: وكيف عفا عنهم وقد قُتِل منهم سبعون، وقُتِل عمُّ رسولِ اللهِ ، وكُسِرَت رَبَاعِيتُه، وشُجَّ في وجهه؟ قال: ثم يقولُ: قال الله: قد عفَوْتُ عنكم إذ عصَيْتُمونى، ألا أَكونَ اسْتأْصَلْتُكم. قال: ثم يقولُ الحسنُ: هؤلاء مع رسول الله، وفى سبيلِ الله، غِضابٌ للهِ، يُقاتِلون أعداءَ اللهِ، نُهُوا عن شيءٍ فضيَّعوه (١)، فواللهِ ما تُرِكوا حتى غُمُّوا بهذا الغَمِّ، فأَفْسَقُ الفاسقين اليومَ يتجَرْثَمُ (٢) كلَّ كبيرةٍ، ويَرْكَبُ كلَّ داهيةٍ، ويَسْحَبُ عليها ثيابَه، ويَزْعُمُ ألا بأسَ عليه، فسوف يَعْلَمُ (٣).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ قوله: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾. قال: لم يَسْتَأْصِلُكم (٤).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾: ولقد عفا اللهُ عن عظيمِ ذلك، لم يُهْلِكُكم بما أتَيْتُم من معصيةِ نبيِّكم ، ولكن عُدْتُ بفَضْلِي عليكم (٥).

وأما قولُه: ﴿وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾. فإنه يعنى: واللهُ ذو طَوْلٍ [ومنٍّ] (٦) على أهل الإيمانِ به وبرسولِه، بعفوِه لهم عن كثيرِ ما يَسْتَوْجِبون به العقوبة عليه من ذنوبهم، فإن عاقَبَهم على بعض ذلك، فذو إحسانٍ إليهم، بجميلِ أياديه عندَهم.


(١) في م: "فصنعوه".
(٢) في س: "يتجرأ"، وفى م: "يتجرأ على"، وتجرثم الشيءَ: أخذ معظمه. اللسان (جرثم).
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٦ إلى المصنف بتمامه، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٨٩ (٤٣٣٧) من طريق الحجاج، عن الحسن، مختصرا جدًّا.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٦ إلى المصنف، وابن المنذر.
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٤، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٩٠ (٤٣٣٨) من طريق سلمة به.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.