للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن مُطَرِّفِ بن طَريفٍ، عن الضحاكِ قولَه: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ﴾. قال: أَمَنْ (١) أَدَّى الخُمُسَ، ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾: [غلّ فباء بسخطٍ من اللهِ] (٢)، فَاسْتَوْجَب سَخَطًا مِنَ اللهِ؟

وقال آخَرون في ذلك بما حدَّثنا به ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ﴾: على ما أحَبَّ الناسُ وسخِطوا، ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ لرِضَا الناسِ وسَخَطِهم؟ يقولُ: أفمَن كان على طاعتى، وثوابُه الجنةُ ورِضْوانٌ مِن ربِّه، ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ فَاسْتَوْجَب غضبَه، وكان مأواه جهنمَ، وبِئْسَ المصيرُ؟ أَسَواءٌ المثلان؟ أي: فاعْرِفوا (٣).

وأولى التأويلين بتأويلِ الآيةِ عندى قولُ الضحاكِ بن مُزاحِمٍ؛ لأن ذلك عَقيبَ وَعيدِ اللهِ جل ثناؤُه على الغُلولِ ونهيِه عبادَه عنه، ثم قال لهم بعدَ نهيِه عن ذلك ووعيدِه: أسَواءٌ المطيعُ لله ﷿ فيما أمَره به ونهاه، والعاصي له في ذلك؟ أي أنهما لا يَسْتَوِيان، ولا تَسْتَوِى حالتاهما عندَه؛ لأن لمن أطاع الله فيما أمَره ونهاه الجنةَ، ولمن عصاه فيما أمَره ونهاه النارَ.

فمعنى قولِه: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾. إذن: أفَمن ترَك الغُلولَ وما نهاه اللهُ ﷿ عنه مِن مَعاصيه، وعمِل بطاعةِ اللهِ في تركِه ذلك، وفي غيرِه مما أمَره به (٤) من فرائضِه، مُتَّبِعًا في كلِّ ذلك رضا اللهِ، ومُجْتَنِبًا (٥) سَخَطَه، ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾. يعنى: كمَن انْصَرَف مُتَحَملًا سَخَطَ اللهِ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٧ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٠٦، ٨٠٧ (٤٤٤٩، ٤٤٥٤) من طريق سلمة به حتى قوله: غضبه.
(٤) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ونهاه".
(٥) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تجنبا".