للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا ابن عُيينةَ، قال: أخبرني زكريا، عن الشعبيِّ، عن عبدِ اللَّهِ بن عمرٍو، قال: هي كلمةُ إبراهيمَ حينَ أُلقِىَ في النارِ، فقال: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (١).

وأولى القولين في ذلك بالصوابِ قولُ من قال: إن الذي قيل لرسولِ اللَّهِ وأصحابِه، من أن الناسَ قد جَمعوا لكم فاخشَوْهم. كان في حالِ خُروجِ رسولِ اللَّهِ ، وخُروجِ مَن خرَج معه في أَثرِ أبى سفيانَ ومن كان معه من مشركي قريشٍ، منصرفَهم عن أُحدٍ إلى حَمراءِ الأسَدِ؛ لأن اللَّهَ تعالى ذِكرُه إنما مدَح الذين وصَفهم بقيلِهم: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾. لما قيل لهم: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾. بعدَ الذي قد كان نالهم من القروحِ والكُلُومِ، بقولِه: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾. ولم تكنْ هذه الصفةُ إلا صفةَ من تَبِع رسولَ اللَّهِ ، من جَرْحَى أصحابِه بأُحدٍ إلى حَمراءِ الأسَدِ. فأما (٢) الذين خرَجوا معه إلى غزوةِ بدرٍ الصُّغرى، فإنه لم يكُنْ فيهم جريحٌ، إلا جريحٌ قد تقادَم اندمالُ جُرْحِه، وبرَأ كَلْمُه. وذلك أن رسولَ اللَّهِ إنما خرَج إلى بدرٍ الخَرْجةَ الثانيةَ إليها لموعدِ أبي سفيانَ الذي كان واعَده اللقاءَ بها بعدَ سنةٍ من غزوةِ أُحدٍ [في قولِ بعضٍ، وفي قولِ آخرين: خرج إليها بعدَما مضى عشرةُ أشهرٍ من أحدٍ] (٣)، في شعبانَ سنةَ أربعٍ من الهجرةِ. وذلك أن وقعةَ أُحدٍ كانت في النصفِ من شوَّالٍ من سنةِ ثلاثٍ، وخُروجَ النبيَّ لغزوةِ بدرٍ الصُّغرى إليها في شعبانَ من سنةِ أربعٍ، ولم يكنْ للنبيِّ بينَ ذلك وقعةٌ مع المشركين كانت بينَهم فيها حربٌ جُرحِ فيها


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٤٠، وأخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٣٥٣ من طريق الشعبي بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٣ إلى ابن المنذر.
(٢) بعده في م: "قول".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.