للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدِّثت عن الحسينِ، قال: سمِعت أبا معاذٍ يقولُ: أخبرنا عُبيدٌ، قال: سمِعت الضحَّاكَ يقولُ في قولِه: ﴿بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ﴾: كان الرجلُ إذا تصدَّق بصدقةٍ فتُقُبِّلت منه، بعَث اللَّهُ نارًا، فنزَلت على القربانِ فأكلَتْه (١).

فقال اللَّهُ تعالى لنبيِّه محمدٍ : [قُلْ للقائلين هذا القولَ، يا محمدُ: قد جاءكم يا معشرَ مَن يزعمُ أنّ الله عهِد إليه] (٢) ألا يؤمنَ لرسولٍ حتى يأتيَه بقربانٍ تأكلُه النارُ - رسلٌ من اللهِ من قَبلى، ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾. يعنى: بالحججِ الدالةِ على صدقِ نبوَّتِهم، وحقيقةِ قولِهم، ﴿وَبِالَّذِي قُلْتُمْ﴾. يعنى: وبالذى ادَّعيتم أنه إذا جاء به لزِمكم تصديقُه والإقرارُ بنبوَّتِه، مِن أكلِ النارِ قربانَه إذ قرَّب للَّهِ دَلالةً على صدقِه، ﴿فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. يقولُ له: قل لهم: قد جاءكم الرسلُ الذين كانوا من قبلى بالذي زعَمتم أنه حُجَّةٌ لهم عليكم، فقتَلتموهم، فلِمَ قَتلتموهم وأنتم مقرُّون بأن الذي جاءوكم به من ذلك كان حجَّةً لهم عليكم، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في أن اللَّهَ عهِد إليكم أن تؤمنوا بمن أتاكم من رسلِه بقربانٍ تأكلُه النارُ حجَّةً له على نبوَّتِه؟

وإنما أَعْلَم اللَّهُ عبادَه بهذه الآيةِ أن الذين وصَف صفتَهم، من اليهودِ الذين كانوا على عهدِ رسولِ اللَّهِ ، لن يَعْدُوا (٣) أن يكونوا - في كذبِهم على اللَّهِ، وافترائِهم على ربِّهم، وتكذيبِهم محمدًا ، وهم يعلَمونه صادقًا محقًّا، وجحودِهم نبوَّتَه، وهم يجِدونَه مكتوبًا عندَهم في عهدِ اللَّهِ تعالى إليهم، أنه


(١) التبيان ٣/ ٦٨.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، وكتب مقابلها في حاشية ص: "ط ط، كذا"، دلالة على وجود خطأ.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يقروا"، وفى م، س: "يفروا".