للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني أحمدُ بنُ حازمٍ الغفاريُّ، قال: حدَّثنا أبو نُعيمٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن بَيَانٍ، عن الشعبيِّ: ﴿هُدًى﴾ قال: هُدًى مِن الضلالةِ (١).

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: حدَّثنا أسباطُ بنُ نصرٍ، عن إسماعيلَ السُّدِّيِّ في خبرٍ ذكَرَه عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابنِ عباسٍ، وعن مُرَّةَ الهَمْدانيِّ، عن ابنِ مسعودٍ، وعن ناسٍ مِن أصحابِ النبيِّ : ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ يقولُ: نورٌ للمتقين (٢).

والهُدى في هذا الموضعِ مصدرٌ مِن قولِك: هدَيْتُ فلانًا الطريقَ - إذا أرْشَدْتَه إليه، ودلَلْتَه عليه، وبَيَّنْتَه له - أَهْدِيه هُدًى وهِدايةً.

فإن قال لنا قائلٌ: أوَ ما كتابُ اللَّهِ نورًا إلا للمُتَّقِين، ولا رَشادًا إلا للمؤمنين؟

قيل: ذلك كما وصَفه ربُّنا ﷿، ولو كان نورًا لغيرِ المتقين، ورَشادًا لغيرِ المؤمنين، لم يَخْصُصِ اللَّهُ ﷿ المتقين بأنه لهم هدًى، بل كان يَعُمُّ به جميعَ المُنْذَرِين، ولكنه هُدًى للمتقين، وشفاءٌ لما في صدورِ المؤمنين، ووَقْرٌ في آذانِ المكذِّبين، وعمًى لأبصارِ الجاحدين، وحجةٌ للَّه بالغةٌ على الكافرين، فالمؤمنُ به مُهْتدٍ، والكافرُ به محجوجٌ.

وقولُه: ﴿هُدًى﴾ يَحْتَمِلُ أوجهًا مِن المعاني:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٥٣٤ (٥٧) من طريق أبي نعيم به. وأخرجه أيضًا ١/ ٣٤ (٥٦، ٥٧) من طريقين عن سفيان به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤ إلى وكيع.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٦١ عن السدي به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤ إلى المصنف عن ابن مسعود وحده. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٤ (٥٨) من طريق عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي من قوله.