للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدحٌ مُسْتَأْنَفٌ. والآخرُ: على أن يُجْعَلَ مُرافعَ (١) ﴿ذَلِكَ﴾، و ﴿الْكِتَابُ﴾ نعتٌ لـ ﴿ذَلِكَ﴾. والثالثُ: أن يُجْعَلَ تابعًا لموضعِ ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، ويكونَ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ مرفوعًا بالعائدِ في ﴿فِيهِ﴾، فيكونَ كما قال تعالى ذكرُه: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢، ١٥٥].

وقد زعَم بعضُ المُتَقَدِّمِين في العلمِ بالعربيةِ مِن الكوفِيِّين (٢) أن ﴿الم﴾ مرافعُ (٣) ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ بمعنى: هذه الحروفُ مِن حروفِ المُعْجَمِ، ذلك الكتابُ الذي وعَدْتُك أن أُوحِيَه إليك. ثم نقَض ذلك مِن قولِه فأسْرع نَقْضَه، وهدَم ما بنَى فأسْرَع هَدْمَه، فزعَم أن الرفعَ في ﴿هُدًى﴾ مِن وجهَيْن، والنصبَ من وجهَيْن، وأن أحدَ وجهَيِ الرفعِ أن يكونَ ﴿الْكِتَابُ﴾ نعتًا لـ ﴿ذَلِكَ﴾، والهُدى في موضعِ رفعٍ خبرٌ (٤) لـ ﴿ذَلِكَ﴾، كأنك قلتَ: ذلك هدًى (٥) لا شكَّ فيه. قال: وإن جعَلْتَ ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ خبرَه، رفَعْتَ أيضًا ﴿هُدًى﴾ بجعلِه تابعًا لموضع ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، كما قال اللَّهُ جلَّ ثناؤه: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاه مُبَارَكٌ﴾ كأنه قال: وهذا كتابٌ هُدًى، مِن صفتِه كذا وكذا. قال: وأما أحدُ وجهَيِ النصبِ، فأن تَجْعَلَ الكتابَ خبرًا لـ ﴿ذَلِكَ﴾ وتَنْصِبَ ﴿هُدًى﴾ على القطعِ؛ لأن ﴿هُدًى﴾ نكرةٌ اتَّصَلَت بمعرفةٍ، وقد تمَّ خبرُها فنصَبْتَها (٦)؛ لأن النكرةَ لا تكونُ دليلًا على معرفةٍ، وإن شئتَ نصَبْتَ ﴿هُدًى﴾ على القطعِ مِن


(١) في م، ت ٢: " الرافع".
(٢) يعتي الفراء في معاني القرآن ١/ ١٠.
(٣) في م، ت ٢: "رافع".
(٤) في ر: "خبرا".
(٥) سقط من النسخ، وأثبتناه من معاني القرآن.
(٦) في م: "فتنصبها".