للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمؤمنين الذين يتَّقُون الشركَ (١) ويَعْمَلون بطاعتي (٢).

وأوْلَى التأويلاتِ بقولِ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾. تأويلُ مَن وصَف القومَ بأنهم الذين اتَّقَوُا اللَّهَ في ركوبِ ما نهاهم عن ركوبِه، فتجَنَّبوا معاصِيَه، واتَّقوْه فيما أمَرَهم به مِن فرائضِه، فأطاعوه بأدائِها، وذلك أن اللَّهَ جلَّ ثناؤُه أبْهَم (٣) وصفَهم بالتقْوَى، فلم يَحْصُرْ تَقْواهم إياه على [بعضِ ما هو جلَّ ثناؤه أهلٌ] (٤) له (٥) منهم دونَ بعضٍ، فليس لأحدٍ مِن الناسِ أن يَحْصُرَ معنى ذلك على وصْفِهم بشيءٍ مِن تقوى اللَّهِ ﷿ دون شيءٍ، إلا بحجةٍ يجبُ التسليمُ لها؛ لأن ذلك مِن صفةِ القومِ لو كان مَحْصورًا على خاصٍّ مِن معاني التقوى دونَ العامِّ (٦)، لم يَدَعِ اللَّهُ جلَّ ثناؤُه بيانَ ذلك لعبادِه، إما في كتابِه، وإما على لسانِ رسولِه ، إذ لم يَكُنْ في العقلِ دليلٌ على استحالةِ وصفِهم بعمومِ التقوى.

فقد تبَيَّن إذن بذلك فسادُ قولِ مَن زعَم أن تأويلَ ذلك إنما هو الذين اتَّقَوُا الشركَ وبرِئوا مِن النِّفاقِ؛ لأنه قد يكونُ كذلك وهو فاسقٌ غيرُ مُسْتَحِقٍّ أن يكونَ مِن المتَّقِين، إلا أن يكونَ عندَ قائلِ هذا القولِ معنى النفاقِ ركوبَ الفَواحِشِ التي حرَّمها اللَّهُ جل ثناؤُه، وتَضْييعَ فرائضِه التي فرَضها عليه، فإن جماعةً مِن أهلِ العلمِ قد كانت تُسَمِّي مَن كان كذلك (٧) مُنافِقًا، فيكونَ،


(١) بعده في ص: "بي"
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٦١ عن أبي روق به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤ إلى المصنف.
(٣) سقط من: ص، وفي م: "إنما".
(٤) في ص، م: "بعضها من أهل".
(٥) زيادة يقتضيها السياق.
(٦) بعده في م: "منها".
(٧) في م: "يفعل ذلك".