للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخافوا ألّا (١) تُقْسِطوا في حقوقِ النساءِ. بدَلالةِ ما ظهَر مِن قولِه تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.

فإن قال قائلٌ: فأين جوابُ قولِه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾؟ قيل: قولُه: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم﴾. غيرَ أن المعنى الذي يدلُّ على أن (٢) المرادَ بذلك ما قلنا قولُه: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾.

وقد بينا فيما مضى قبلُ (٣) أنّ مَعْنى الإقساط في كلامِ العربِ: العدلُ والإنصافُ، وأن القَسْطَ: الجَوْرُ والحَيفُ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضعِ. وأما اليتامى، فإنها جمعٌ لذُكرانِ الأيتامِ وإناثِهم في هذا الموضعِ.

وأما قولُه: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾. فإنه يَعْنى: فانْكِحُوا ما حلَّ لكم منهن دونَ ما حرُم عليكم منهن.

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا ابن المباركِ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، عن أبي مالكٍ في قوله: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ قال: ما حَلَّ لكم (٤).

نا حميدُ بنُ مسعدةَ قال: نا يزيدُ قال: نا يونسُ عن الحسنِ: قولَه: ﴿مَا طَابَ لَكُم﴾ أي ما حلَّ لكم (٥).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمرٌ، عن


(١) في م: "أن".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.
(٣) تقدم في ٥/ ١٠٣، ٢٧٨، ٢٨٠.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٣٥٩، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٥٨ (٤٧٥٠) من طريق إسماعيل بن أبي خالد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١١٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١١٩ إلى المصنف، وذكره القرطبي في تفسيره ٥/ ١٥ عن الحسن.